طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فمن أركان عقد الإجارة معلومية الأجرة، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من استأجر أجيراً فليعلمه أجره) رواه البيهقي. فإن كانت الأجرة مجهولة فسد العقد، وإن قام الأجير بالعمل فله أجر مثله.
وبناء على ذلك:
أولاً: ما دمت اتفقت مع التاجر على أجرٍ معلوم، وعلى عملٍ معلوم، وقبضت الأجرة المعلومة المتَّفق عليها بينك وبين التاجر المستأجر، فلا يجوز لك شرعاً أن ترفع عليه شكاية للمحكمة حتى تأخذ ما لا تستحقه بقوة القانون، ولا يجوز لك أن تأخذ من التاجر مبلغاً من المال مقابل عدم رفع الشكاية عليه، لأن شكايتك عليه ظلم وجور.
وإذا رفعت عليه الشكوى إلى القضاء، أو أخذت منه مالاً مقابل عدم رفع الشكوى عليه فإن المال الذي أخذته منه، أو تأخذه بسلطة القانون مال غير شرعي، وداخل تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلا يَأْخُذْ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ) رواه البخاري ومسلم.
وأما بالنسبة للمحامي الذي يعينك على أخذ المال بغير حق فهو آثم شرعاً، لأنه معين على أكل أموال الناس بالباطل، وأجرته تكون حراماً عليه.
ثانياً: يجب التحاكم إلى شرع الله تعالى، وذلك لقوله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}، فمن لم يحتكم لشرع الله تعالى فقد عرَّض إيمانه للضياع والعياذ بالله تعالى.
ثالثاً: يجب عليك أن لا تأخذ من التاجر شيئاً من المال بغير حق، وهذا المعروض بالسؤال ليس من حقك، وإن أخذت منه شيئاً وجب عليك ردُّه إليه، ولا يجوز لك أن ترفع عليه دعوى للقانون لتأخذ شيئاً زائداً عن الأجرة المتفق عليها بينك وبين التاجر. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |