طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ: المَائِعُ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ، وَيَجِبُ إِرَاقَتُهُ لِلْحَدِيثِ الذي أَخْرجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ، فَقَالَ: «إِنْ كَانَ جَامِدًا، فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا، فَلَا تَقْرَبُوهُ».
وَفِي رِوَايَةٍ: «وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَأَرِيقُوهُ».
وَعِنْدَ الحَنَفِيَّةِ يُمْكِنُ تَطْهِيرُ المَائِعِ وَذَلِكَ بِالغَلْيِ بَعْدَ إِخْرَاجِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ مِنْهُ، هَذَا إِذَا كَانَ مِمَّا يَتَأَتَّى تَطْهِيرُهُ بِالغَلْيِ كَالسَّمْنِ وَالزَّيْتِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُوضَعَ في مَاءٍ وَيُغْلَى، فَيَعْلُو الدُّهْنُ المَاءَ فَيُرْفَعُ بِشَيْءٍ، وَهَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ لَا يُغْلَى بِالمَاءِ فَيُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ بِالجَرَيَانِ، كَمَا جَاءَ في حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: مَطْلَبُ يَطْهُرُ الْحَوْضُ بِمُجَرَّدِ الْجَرَيَانِ، بِأَنْ يَدْخُلَ مِنْ جَانِبٍ وَيَخْرُجَ مِنْ آخَرَ حَالَ دُخُولِهِ، وَإِنْ قَلَّ الْخَارِجُ
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَطْهُرُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِثْلُ مَا فِيهِ، وَإِنْ رَفَعَ إنْسَانٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ الَّذِي خَرَجَ وَتَوَضَّأَ بِهِ جَازَ اهـ.
ثُمَّ يَقُولُ: هَلْ يُلْحَقُ نَحْوُ الْقَصْعَةِ بِالْحَوْضِ؟ خُلَاصَةُ القَوْلِ: أَنَّهُ عَلَى القَوْلِ الصَّحِيحِ تَطْهُرُ الأَوَانِي أَيْضًا بِمُجَرَّدِ الجَرَيَانِ، وَقَدْ عَلَّلَ في البَدَائِعِ هَذَا القَوْلَ: بِأَنَّهُ صَارَ مَاءً جَارِيًا، وَلَمْ نَسْتَيْقِنْ بِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِيهِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
1ـ هَذَا الحَلِيبُ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ صَارَ نَجِسًا يَجِبُ إِرَاقَتُهُ، وَلَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ.
2ـ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ وَذَلِكَ بِطَرِيقَةِ الجَرَيَانِ وَلَوْ شَيْئًا قَلِيلًا بَعْدَ إِخْرَاجِ الفَأْرَةِ، هَذَا عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ الحَلِيبُ قَدْ تَغَيَّرَ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ.
3ـ إِذَا كَانَ الحَلِيبُ قلِيلًا فَالأَوْلَى الأَخْذُ بِقَوْلِ الجُمْهُورِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَلَا حَرَجَ في الأَخْذِ بِقَوْلِ الحَنَفِيَّةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |