السؤال :
من حقِّ الرجل على زوجته أن لا تُوطئ فراش زوجها أحداً يكرهه الزوج، فما هو المقصود من وطئ الفراش؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4956
 2012-03-14

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: (اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ).

لما ذكر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم استحلالَ الزوج، وأنَّ الرجل أخذ المرأة وأمسكها في عصمته بعهد الله، بحيث يرفق بها، واستحلَّها بكلمة الله تعالى القائل في الكتاب العظيم: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء}. بيَّن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حقَّ الزوج على زوجته، والتي من جملتها: (أَنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ).

والمقصود بذلك: أن لا يُجلسنَ على فرشكم أحداً تكرهونه، وأن لا يُدخلنَ بيوتكم أحداً تكرهونه، وعبَّر عن ذلك بالفراش، لأنَّ الداخلَ يطأُ المنزل.

فليسَ للمرأةِ أن تمكِّنَ أحداً من النساء أو الرجالِ المحارمِ لها من دخول بيت زوجها، إلا إذا علمت عدمَ كراهيةِ زوجِها لذلك.

وليس المقصودُ بوطءِ الفراش الكنايةَ عن الزنى؛ لأنَّ  الزنى حرامٌ مع كلِّ أحدٍ يكرهُهُ الرجالُ أو لا؛ ولأنَّ عقوبةَ المرأةِ الزانيةِ المحصنةِ الرجمُ حتى الموت، وليسَ عقوبتُها ضرباً غيرَ مبرِّح، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: (فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ). وهذا يدلُّ على أنَّ المقصود هو دخولُ أحدٍ من الرجال المحارم أو النساء إلى بيت الرجل، والرجل يكرهُ هذا الإنسان.

ويقول الإمام النووي رحمه الله تعالى: (والمختار: أن معناه أنَّه لا يحلُّ للزوجةِ أن تأذن لأحدٍ بدخولِ دارِ الرجلِ، ولا لامرأةٍ ذاتِ محرمٍ منها، إلا أن تظنَّ أنَّ الزوجَ لا يكره ذلك منها، فإن شكَّت في أنَّه يكرهُهُ لم تأذن، لأنَّ الأصلَ المنعُ حتى تظن) اهـ.

وبناء على ذلك:

 فالمقصود من قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ) هو أن لا تأذنَ الزوجةُ لأحدٍ من الرجال المحارِمِ لها، أو من النساءِ القريباتِ لها أو البعيدات، بدخولِ بيت زوجها إذا كان الزوجُ يكرهُ ذلك، وليس المقصودُ الزنى. هذا، والله تعالى أعلم.