السؤال :
هل يجوز للمسلم أن يجلس مع قوم يستهزؤون بدين الله تعالى، ويتلفَّظون بكلمات الكفر ـ والعياذ بالله تعالى ـ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4958
 2012-03-14

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: فيقول الله تبارك وتعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}.

ثانياً: جاء في الحديث الشريف: (وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلا يَقْعُدْ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الخَمْرُ) رواه الإمام أحمد والحاكم.

ثالثاً: رُفع لسيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قوم يشربون الخمر، فأمر بجلدهم، فقيل له: إن فيهم صائماً، فقال: ابدؤوا به، أما سمعتم الله تعالى يقول: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ}.

رابعاً: روى الطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «أوحى الله إلى ملك من الملائكة أن اقلب مدينة كذا وكذا على أهلها، قال: إن فيها عبدك فلاناً لم يعصك طرفة عين، قال: اقلبها عليه وعليهم، فإن وجهه لم يتمعَّر لي ساعة قط». وفي رواية للبيهقي: (إن الله عزَّ وجل أمر بقرية أن تُعذَّب، فضجَّت الملائكة، قالت: إن فيهم عبدك فلاناً، قال: أسمعوني ضجيجه، فإن وجهه لم يتمعَّر غضباً لمحارمي).

خامساً: روى الإمام مسلم عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ورضي الله عنها، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ، فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَلا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: لا مَا صَلَّوْا).

وبناء على ذلك:

فلا يجوز للمسلم أن يجلس في مجلس يُستهزأ فيه بدين الله عزَّ وجل، أو يُتلفَّظ فيه بكلمات الكفر؛ لأن الجلوس معهم بالاختيار دليل على نوع من أنواع الرضى بالمنكر، ومن رضي كان كمن فعل، فالآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تحذِّر من مجالسة العُصاة بالاختيار، إلا إذا كان بجلوسه يغيِّر المنكر فلا حرج عندئذ. هذا، والله تعالى أعلم.