طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: يقول الله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}. ويقول تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ}.
وجاء في الحديث الذي رواه الإمام البخاري عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟ قَالَ: الحَمْوُ المَوْتُ).
وروى الترمذي والإمام أحمد عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ).
ثانياً: حبُّ الرَّجل للمرأةِ يكونُ للإنسانِ كسبٌ فيهِ، وقد يكونُ لا كسبَ لهُ فيهِ:
1ـ فإذا كان حبُّ الرَّجلِ لامرأةٍ أجنبيَّةٍ له فيهِ كسبٌ من خلالِ تساهُلِهِ في النَّظرِ إلى النِّساءِ، وإمعانِ النَّظرِ إليهنَّ، ثمَّ الحديثِ معهنَّ، ثمَّ الخلوةِ بهنَّ، ثمَّ المراسلةِ عن طريقِ الهاتفِ أو النِّت أو بأيِّ وسيلةٍ من وسائِلِ الاتِّصالِ، فهذا لا شكَّ في تحريمِهِ، والرَّجلُ يكونُ آثماً وعاصياً لارتِكابِهِ المخالفاتِ الشَّرعيَّةَ حتى تمكَّنت من قلبِهِ وأفسَدَتهُ.
2ـ وإذا كان حبُّ الرَّجلِ لامرأةٍ أجنبيَّةٍ لا كسبَ له فيه، كمن وَقَعَ نَظَرُهُ على امرأةٍ ثمَّ صَرَفَهُ عنها، ولكن تعلَّقَ قلبُهُ بها، وجاهدَ نفسَهُ وهواهُ ولم يتحدَّث معها، فضلاً عن المراسلةِ والخلوةِ، أو سَمِعَ بامرأةٍ صاحبةِ خُلُقٍ حَسَنٍ وسيرةٍ حميدةٍ فتعلَّقَ قلبُهُ بها، ولم يسعَ إلى شيءٍ مُحرَّمٍ عليه من نَظَرٍ وحديثٍ ومُراسلةٍ، فهذا لا إثمَ عليه إن شاء الله تعالى.
وبناء على ذلك:
فالأوَّلُ يجبُ عليه أن يتوبَ إلى الله تعالى ممَّا فَعَلَ، ويُكثرَ من الدُّعاءِ أن يَصرِفَ الله قلبَهُ عنها، ويقطَعَ صِلَتَهُ بها، ويبحثَ عن امرأةٍ غيرِها للزَّواجِ منها، فهذا خيرٌ له من الزَّواجِ بها، لأنَّ ما بُنِيَ على معصيةٍ لا يأتي بِخيرٍ، قال تعالى: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِين}.
أمَّا الثَّاني فلا حرجَ من سَعْيِهِ للارتِباطِ بهذهِ المرأةِ عن طريقِ الزَّواجِ بها بعدَ استِخارتِهِ لِربِّهِ عزَّ وجلَّ، فإذا وَجَدَ قلبَهُ مُنقبضاً، أو الأمورَ مُعسَّرةً، فليعلم بأنَّ الخيرَ له في أن يصرِفَ قلبَهُ عنها، وذلك بِكثرةِ الدُّعاءِ لله تعالى، وأن يبحثَ عن امرأةٍ غيرِها.
وأمَّا إذا وَجَدَ الانشِراحَ في قلبِهِ، والأمورَ مُيسَّرةً، فليُوَجِّه إلى أهلِها من يُقنِعُهُم بِزواجِهِ منها، فإن استجابوا فبها، وإلا فَبَنَاتُ حوَّاءَ كثيراتٌ، وفيهنَّ الصَّالحاتُ القانتاتُ التَّائباتُ العابداتُ، وليسأل الله عزَّ وجلَّ أن يُهيِّئَ له المرأةَ الصَّالحةَ التي تُحقِّقُ له سعادَةَ الدُّنيا والآخرة. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |