السؤال :
رجل مدين أعلن الإفلاس، يملك بيتا قيمته أقل من ديونه بكثير، فقام بتسجيل البيت باسم صديقه خشية الحجر عليه، فهل عليه وعلى صديقه حرج شرعي؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5323
 2012-06-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: المفلسُ مَن كانَ دَينُهُ أكثرَ من مالِهِ.

ثانياً: المفلسُ ـ عند جمهورِ الفقهاءِ ـ قبلَ الحجرِ عليه كغيرِ المفلسِ، فما يفعلُهُ من بيعٍ أو هِبةٍ أو إقرارٍ أو قضاءِ بعض الغُرماءِ دونَ بعضٍ هوَ جائزٌ نافذٌ، لأنَّهُ رشيدٌ غيرُ محجورٍ عليه، فَنَفَذَ تصرُّفُهُ كغيرِهِ، كما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية، مصطلح: إفلاس.

جاء في المغني: مَا فَعَلَهُ المُفْلِسُ قَبْلَ حَجْرِ الحَاكِمِ عَلَيْهِ، مِنْ بَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ، أَوْ قَضَاءِ بَعْضِ الغُرَمَاءِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ جَائِزٌ نَافِذٌ، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَداً خَالَفَهُمْ، وَلِأَنَّهُ رَشِيدٌ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، فَنَفَذَ تَصَرُّفُهُ كَغَيْرِهِ، وَلِأَنَّ سَبَبَ المَنْعِ الحَجْرُ، فَلَا يَتَقَدَّمُ سَبَبُهُ، وَلِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ، وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ. اهـ.

وجاء في شرح منتهى الإرادات: وَتَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ قَبْلَ الحَجْرِ عَلَيْهِ صَحِيحٌ نَصَّاً، وَلَو اسْتَغْرَقَ دَيْنُهُ جَمِيعَ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ رَشِيدٌ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ سَبَبَ المَنْعِ الحَجْرُ فَلَا يَتَقَدَّمُ سَبَبُهُ وَيَحْرُمُ إنْ أَضَرَّ بِغَرِيمِهِ، ذَكَرَهُ الآمِدِيُّ البَغْدَادِيُّ. اهـ.

وبناء على ذلك:

 فإذا قدَّمَ الرَّجلُ بيتَهُ هديَّةً أو بَيعاً لصديقِهِ قبلَ أن يُحجرَ عليه، فتصرُّفُهُ في ظاهرِ الأمرِ شرعيٌّ، ويكونُ المدينُ بذلك آثماً.

أمَّا إذا قامَ بتسجيلِهِ باسمِ صديقِهِ صُوريَّاً في السِّجلِّ العقاريِّ، وهوَ أمانةٌ في يَدِ صديقِهِ فهذا حرامٌ عليه وعلى صديقِهِ، وهما آثمانِ لأنَّهما أضرَّا بالدَّائنين، ودَخَلَ صديقُهُ في الإثمِ، لأنَّهُ تعاونَ معهُ على الإثمِ والعُدوانِ، قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى البرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ﴾ . هذا، والله تعالى أعلم.