طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَعِلمُ اليقينِ هوَ أن تَسمَعَ بشيءٍ ولم تَرَهُ، وأنتَ مُتَيَقِّنٌ من المخبِرِ بأنَّهُ صادِقٌ، عندَ ذلكَ يكونُ عِندَكَ عِلمُ اليقينِ.
فإذا رأيتَ الشَّيءَ الذي سَمِعتَ به بِعَينِكَ صارَ عِندَكَ عينَ اليقينِ.
وإذا باشَرتَ الشَّيءَ الذي رَأيتَهُ، وحَسَستَ به بِحواسِّكَ صارَ عِندَكَ حقَّ اليقينِ.
على سبيلِ المثالِ: كلُّ إنسانٍ عاقِلٍ عِندَهُ عِلمُ اليقينِ بالموتِ، فإذا ما شاهَدَهُ صارَ عِندَهُ عينَ اليقينِ، وإذا ذاقَهُ صارَ عِندَهُ حقَّ اليقينِ. قال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾.
وربُّنا عزَّ وجلَّ أشارَ إلى عِلمِ اليقينِ بقولِهِ: ﴿كَلا لَو تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِين﴾. يعني: لو أنَّكُم تَعلَمونَ عِلمَ اليقينِ بالآخِرَةِ لما اجتَرَأتُم على المُخالَفاتِ.
فإذا انقَلَبَ العبدُ إلى يومِ القيامَةِ، فما كانَ غَيباً صارَ عيناً، قال تعالى: ﴿وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى﴾. فإذا رآها صارَ عِلمُ اليقينِ عينَ اليقينِ، كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِين﴾.
فإذا كانَ العبدُ كافِراً، ورأى النَّارَ بِعَينِهِ، فإذا ما دَخَلَها صارَ عينُ اليقينِ حقَّ اليقينِ، كما قال تعالى: ﴿وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّين * فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيم * وَتَصْلِيَةُ جَحِيم * إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِين﴾.
وبناء على ذلك:
فَعِلمُ اليقينِ هوَ العِلمُ الذي يكونُ في صَدرِ الإنسانِ، والذي لا يَقبَلُ الشَّكَّ، فإذا رُئِيَ المعلومُ بالعينِ صارَ عينَ اليقينِ، فإذا باشَرَهُ صارَ حقَّ اليقينِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |