طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإنَّ بابَ الاجتِهادِ في الأحكامِ الشَّرعِيَّةِ مَفتوحٌ ولن يُغلَقَ، ولكن هذا لمن كانَ أهلاً للاجتِهادِ، وذلكَ بأن يَكونَ عالِماً في الآياتِ والأحاديثِ المُتَعَلِّقَةِ في المَسألَةِ التي يَجتَهِدُ فيها، وأن يَكونَ قادِراً على فَهمِها والاستِدلالِ بها على مَطلوبِهِ.
وأن يَكونَ عالِماًَ بِدَرَجَةِ ما يَستَدِلُّ به من الأحاديثِ.
وأن يَكونَ عالِماً بِمَواضِعِ الإجماعِ في المَسائِلِ التي يَبحَثُها، حتَّى لا يَخرُجَ على إجماعِ المُسلِمينَ في حُكمِهِ فيها.
وأن يَكونَ عالِماً باللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ التي تُمَكِّنُهُ من فَهْمِ النُّصوصِ لِيَتَأتَّى لهُ الاستِدلالُ بها والاستِنباطُ منها.
وأن لا يَقولَ في الدِّينِ بِرَأيِهِ، وأن لا يُفتي بِغَيرِ عِلمٍ، حتَّى لا يَندَرِجَ تَحتَ قَولِهِ تعالى: ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلالٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى الله الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى الله الْكَذِبَ لا يُفْلِحُون﴾. هذا أولاً.
ثانياً: من قالَ بأنَّ بابَ الاجتِهادِ مُقفَلٌ فإنَّما نَزَعوا إلى ذلكَ خَوفاً مِمَّن يَدَّعي الاجتِهادَ وهوَ لَيسَ أهلاً لذاكَ، وخَوفاً عَلَيهِم أن يَفتَروا على الله الكَذِبَ، فَيَقولوا: هذا حَلالٌ وهذا حَرامٌ من غَيرِ دَليلٍ ولا بُرهانٍ، وإنَّما يَقولونَ إرضاءً لأهوائِهِم وشَهَواتِهِم وتَعَصُّباً لآرائِهِم وإرضاءً لِسَاداتِهِم من العَبيدِ؛ كمن قالَ بِحِلِّ الرِّبا الاستِثمَاري دونَ الاستِهلاكِيِّ، وكمن قالَ بِجَوازِ الإجهاضِ ابتِغاءَ تَحديدِ النَّسْلِ، وغَيرِ هذهِ الفَتاوى.....
وبناء على ذلك:
فَبَابُ الاجتِهادِ مَفتوحٌ لأهلِهِ، ومُغلَقٌ في وَجْهِ الأدعِياءِ الذينَ يَتَلاعَبونَ بِدِينِ الله عزَّ وجلَّ إرضاءً للَبَشَرِ وتَسخيراً لِحُظوظِهِمُ العَاجِلَةِ الفَانِيَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |