طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ فَأَخَذَتْ بِثَوْبِهِ.
فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ شِئْتِ زِدْتُكِ وَحَاسَبْتُكِ بِهِ، لِلْبِكْرِ سَبْعٌ، وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ».
وذَهَبَ جُمهُورُ الفُقَهاءِ من المَالِكِيَّةِ والشَّافِعِيَّةِ والحَنَابِلَةِ، إلى أنَّ الزَّوجَةَ الجَدِيدَةَ تَختَصُّ بِسَبعِ لَيالٍ بِلا قَضَاءٍ للزَّوجَةِ الثَّانِيَةِ إن كَانَت بِكراً، وبِثَلاثِ لَيَالٍ بِلا قَضَاءٍ إن كَانَت ثَيِّباً.
وخَالَفَ في ذلكَ الحَنَفِيَّةُ، وقالوا: لا حَقَّ للزَّوجَةِ الجَدِيدَةِ في زِيَادَةِ قَسْمٍ تَختَصُّ بِهِ. وذلكَ لِقَولِهِ تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾. ومن المُعَاشَرَةِ بالمَعروفِ التَّسوِيَةُ بَينَ الزَّوجاتِ، سَواءٌ كُنَّ بِكراً أو ثَيِّباً، قَدِيمَةً أو جَدِيدَةً.
ولأنَّ أحَادِيثَ النَّهيِ عن الجَورِ في القَسْمِ عَامَّةٌ مُطلَقَةٌ، ولأنَّ الوَحشَةَ في الزَّوجَةِ القَدِيمَةِ مُتَحَقِّقَةٌ، حَيثُ أدخَلَ عَلَيها من يُغِيظُها.
وبناء على ذلك:
فالمَسألَةُ خِلافِيَّةٌ بَينَ الفُقَهاءِ، فَجُمهُورُ الفُقَهاءِ خَصُّوا الزَّوجَةَ الجَدِيدَةَ إن كَانَت بِكراً بِسَبعِ لَيالٍ، وإن كَانَت ثَيِّباً بِثَلاثِ لَيالٍ، والحَنَفِيَّةُ قالوا: لا حَقَّ للجَدِيدَةِ بِزِيَادَةِ قِسمَةٍ، بل لا بُدَّ من العَدْلِ بَينَ الزَّوجاتِ مُبَاشَرَةً. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |