طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد اختَلَفَ الفُقَهاءُ في إقَامَةِ الصَّلاةِ، هل تُقامُ شَفعاً أم وِتراً؟
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إلى أنَّ الإقَامَةَ تَكونُ وِتراً لا شَفعاً، لما رواه أبو داود عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما قَالَ: إِنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً، غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ قَامَت الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَت الصَّلَاةُ، فَإِذَا سَمِعْنَا الْإِقَامَةَ تَوَضَّأْنَا، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الصَّلَاةِ.
وروى الشيخان عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ.
وذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ إلى أنَّ إقَامَةَ الصَّلاةِ تَكونُ شَفعاً كالأذانِ بإضَافَةِ: قَدْ قَامَت الصَّلَاةُ، مَرَّتَينِ. بَعدَ: حَيَّ على الفَلاحِ، واحتَجُّوا بما رواه الإمام أحمد عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِن الْأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنِّي مُسْتَيْقِظٌ، أَرَى رَجُلاً نَزَلَ مِن السَّمَاءِ، عَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ، نَزَلَ عَلَى جِذْمِ حَائِطٍ مِن الْمَدِينَةِ، فَأَذَّنَ مَثْنَى مَثْنَى، ثُمَّ جَلَسَ، ثُمَّ أَقَامَ فَقَالَ مَثْنَى مَثْنَى.
قَالَ: «نِعْمَ مَا رَأَيْتَ، عَلِّمْهَا بِلَالاً».
وروى الترمذي عَنْ عَبْدِ الله بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: كَانَ أَذَانُ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَفْعاً شَفْعاً فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ.
وبناء على ذلك:
فالإقَامَةُ عِنَ السَّادَةِ الحَنَفِيَّةِ كالأذانِ شَفعٌ، يُضَافُ إلَيها: قَدْ قَامَت الصَّلَاةُ، مَرَّتَينِ. بَعدَ: حَيَّ على الفَلاحِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |