طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإنَّ الأصلَ في حَدِيثِ المَرأَةِ مَعَ الرَّجُلِ الأجنَبِيِّ جَائِزٌ شَرعاً بِشُرُوطِهِ التي ذَكَرَهَا اللهُ تعالى في القُرآنِ العَظِيمِ، وذلكَ من خِلالِ قَولِهِ تعالى: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً﴾. وقَولِهِ تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾.
وكذلكَ بالنِّسبَةِ لِصَوتِ المَرأَةِ عِندَ جُمهُورِ الفُقَهاءِ لَيسَ بِعَورَةٍ بِحَدِّ ذَاتِهِ، ولا تُمنَعُ المَرأَةُ من إسمَاعِ صَوتِها عِندَ الحَاجَةِ للرَّجُلِ، ولا يُمنَعُ الرَّجُلُ من سَمَاعِ صَوتِها.
وذَهَبَ جُمهُورُ الفُقَهاءِ إلى أنَّهُ يَحرُمُ على المَرأَةِ أن تَخضَعَ بالقَولِ، وذلكَ بِتَمطِيطِ الكَلامِ وتَليِينِهِ وتَمَيُّعِهِ، كما يَحرُمُ على الرَّجُلِ أن يَسمَعَ صَوتَ المَرأَةِ بِتَلَذُّذٍ مَعَ خَوفِ الفِتنَةِ.
وبناء على ذلك:
فالمَرأَةُ غَيرُ مَمنُوعَةٍ من الكَلامِ مَعَ الرَّجُلِ الأجنَبِيِّ عِندَ الحَاجَةِ، ومن جُملَةِ الكَلامِ السَّلامُ، فَيَجُوزُ سَلامُ الرَّجُلِ على النِّسَاءِ، والنِّسَاءِ على الرِّجَالِ، على الرَّاجِحِ من أقوَالِ الفُقَهاءِ، إذا كَانَ خَالِيَاً مِمَّا يَطمَعُ فِيهِ أصحَابُ القُلُوبِ المَرِيضَةِ، وبِشَرطِ أمْنِ الفِتنَةِ.
أمَّا إذا خِيفَتِ الفِتنَةُ من جَرَّاءِ السَّلامِ، فَتُمنَعُ المَرأَةُ من ابتِدَاءِ السَّلامِ ومن رَدِّهِ، لأنَّ دَفعَ الفِتنَةِ بِتَرْكِ التَّسلِيمِ دَفْعٌ للمَفسَدَةِ، ودَفْعُ المَفسَدَةِ مُقَدَّمٌ على جَلْبِ المَنفَعَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |