طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد روى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عن سِمَاكِ بنِ حَرْبٍ قَالَ: سَمِعْتَ النُّعْمَانَ بن بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ، وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ﴾.
قَالَ: جَاءَ قَيْسُ بن عَاصِمٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنِّي وَأَدَتُ ثَمَانِيَ بناتٍ لِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
قَالَ: «أَعْتِقْ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَقَبَةً».
قُلْتُ: إِنِّي صَاحِبُ إِبِلٍ.
قَالَ: «أَهْدِ إِنْ شِئْتَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بَدَنَةً» هذا أولاً.
ثانياً: لم يُشتَهَرْ الوَأْدُ في بَنِي عَدِيٍّ ولا في أُسرَةِ الخَطَّابِ التي عَاشَت فِيهَا السَّيِدَّةُ فَاطِمَةُ أُختُ سَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، وكذلكَ السَّيِّدَةُ حَفْصَةُ رَضِيَ اللهُ عَنها، وهيَ أَكبَرُ بَنَاتِهِ، وقَد وُلِدَتْ رَضِيَ اللهُ عَنها قَبلَ البِعْثَةِ بِخَمْسِ سَنَوَاتٍ، فَلَمْ يَئِدْهَا.
وبناء على ذلك:
فَمَا ثَبَتَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ بِأَنَّ سَيِّدَنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ وَأَدَ بِنْتَاً لَهُ، ولو ثَبَتَ هذا عَنهُ لَحَدَّثَ السَّائِلَ لَهُ عن قَولِهِ تعالى: ﴿وَإِذَا المَوؤُودَةُ سُئِلَتْ﴾. عن قِصَّةِ وَأْدِهِ لابنَتِهِ.
والبَعْضُ يَفتَرِي على سَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ذلكَ عن بِنْتٍ لَهُ أَصغَرَ من السَّيِّدَةِ حَفْصَةَ، فَلِمَاذا وَأَدَ الصُّغرَى المَزعُومَةَ، وتَرَكَ الكُبْرَى؟
وعلى كُلِّ حَالٍ لو قُدِّرَ ثُبُوتُ هذا عن سَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ لم يَكُنْ مَطعَنَاً ولا غَمْزَاً في حَقِّ سَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، لأنَّ الإسلامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ، والعَرَبُ لم تَكُنْ على دِينٍ، بل كَانَتْ تَعبُدُ الأَصنَام؛ فالقصَّةُ مُفتَرَاةٌ وكَذِبٌ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |