السؤال :
أيهما أفضل، إبداء الصدقة والزكاة أم إخفاؤها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6876
 2015-05-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَإِنَّ في إِسْرَارِ الأَعْمَالِ فَائِدَةُ الإِخْلاصِ والنَّجَاةِ من الرِّيَاءِ، وَفِي إِظْهَارِهَا فَائِدَةُ الاقْتِدَاءِ وَتَرْغِيبُ النَّاسِ في الخَيْرِ، وَلَكِنْ فِيهِ آفَةُ الرِّيَاءِ.

قَالَ الحَسَنُ: قَد عَلِمَ المُسْلِمُونَ أَنَّ السِّرَّ أَحْرَزُ العَمَلَيْنِ، وَلَكِنْ في الإِظهَارِ أَيْضَاً فَائِدَةٌ، وَلِذَلِكَ أَثْنَى اللهُ تعالى على السِّرِّ والعَلانِيَةِ فَقَالَ: ﴿إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ﴾.

وَضَابِطُ أَفْضَلِيَّةِ إِظْهَارِ الأَعْمَالِ أَو إِسْرَارِهَا: هوَ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لا يُمْكِنُ إِسْرَارُهُ كالحَجِّ والجِهَادِ والجُمُعَةِ فَالأَفْضَلُ المُبَادَرَةُ إِلَيهِ وَإِظْهَارُ الرَّغْبَةِ فِيهِ للتَّحْرِيضِ بِشَرْطِ أَنْ لا يَكُونَ فِيهِ شَوَائِبُ الرِّيَاءِ، وَأَمَّا مَا يُمْكِنُ إِسْرَارُهُ كالصَّدَقَةِ والصَّلاةِ فَإِنْ كَانَ إِظْهَارُ الصَّدَقَةِ يُؤْذِي المُتَصَدَّقَ عَلَيهِ مَعَ أَنَّهُ يُرَغِّبُ النَّاسَ في الصَّدَقَةِ فَالسِّرُّ أَفْضَلُ، لأَنَّ الإِيذَاءَ حَرَامٌ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِيذَاءٌ فَقَد اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ في الأَفْضَلِ.

فَقَالَ قَوْمٌ: السِّرُّ أَفْضَلُ من العَلَانِيَةِ وَإِنْ كَانَ في العَلَانِيَةِ قُدْوَةٌ.

وَقَالَ قَوْمٌ: السِّرُّ أَفْضَلُ من عَلَانِيَةٍ لا قُدْوَةَ فِيهَا، أَمَّا العَلَانِيَةُ للقُدْوَةِ فَأَفْضَلُ من السِّرِّ، وَيَدُلُّ على ذَلِكَ أَنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ أَمَرَ الأَنْبِيَاءَ بِإِظْهَارِ العَمَلِ للاقْتِدَاءِ بِهِم وَخَصَّهُم بِمَنْصِبِ النُّبُوَّةِ، ولا يَجُوزُ أَنْ يَظُنَّ بِهِم أَنَّهُم حُرِمُوا أَفْضَلَ العَمَلَيْنِ.

هَذَا في عَامَّةِ الأَعْمَالِ، أَمَّا في التَّطَوُّعِ فَالإِخْفَاءُ فِيهِ أَفْضَلُ من الإِظْهَارِ لانْتِفَاءِ الرِّيَاءِ عَنهُ.

وبناء على ذلك:

فَإِظْهَارُ الزَّكَاةِ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ أَوْلَى من الإِسْرَارِ، إلا إذا كَانَ يَخْشَى على نَفْسِهِ من الرِّيَاءِ.

 

أَمَّا في الصَّدَقَاتِ فالإِسْرَارُ أَوْلَى، إلا إذا حَرَّرَ نِيَّتَهُ، ورَاقَبَ مَوْلاهُ، وأَرَادَ تَشْجِيعَ الآخَرِينَ، وخَاصَّةً في زَمَنِ الشُّحِّ، فالإِظْهَارُ أَوْلَى. هذا، واللهُ تعالى أعلم.