طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: لَقَد أَخْبَرَنَا اللهُ عزَّ وجلَّ عَن يَوْمِ القِيَامَةِ بِأَنَّهُ سَوْفَ يَتَبَرَّأُ كُلُّ مَتْبُوعٍ من تَابِعِهِ إِذَا كَانَا على ضَلالٍ، قَالَ تعالى: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾. وقَالَ تعالى: ﴿وَبَرَزُوا للهِ جَمِيعَاً فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعَاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ﴾. وقَالَ تعالى: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
ثانياً: في هذهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ يُخْبِرُنَا اللهُ عزَّ وجلَّ عَن المُشْرِكِينَ وَآلِهَتِهِمُ التي عَبَدُوهَا من دُونِ اللهِ تعالى عِنْدَمَا يَرَى المُشْرِكُونَ شُرَكَاءَهُمُ الذينَ كَانُوا يَعْبُدُونَهُم من دُونِ اللهِ تعالى كَالأَصْنَامِ والشَّيَاطِينِ، يَقُولُونَ: هؤلاءِ هُم سَبَبُ ضَلالِنَا وَكُفْرِنَا، هؤلاءِ الذينَ كُنَّا نَعْبُدُهُم من دُونِكَ.
فَيَرُدُّ الشُّرَكَاءُ من الأَصْنَامِ وَغَيْرِهَا على المُشْرِكِينَ بِقَوْلِهِم: كَذَبْتُمْ، مَا نَحْنُ أَمَرْنَاكُم بِعِبَادَتِنَا، ولا قُلْنَا لَكُمْ: أَنَّا آلِهَةٌ من دُونِ اللهِ فَاعْبُدُونَا، ولا أَجْبَرْنَاكُم على الإِشْرَاكِ باللهِ تعالى، وَلَكِنْ أَنْتُمُ الذينَ اخْتَرْتُم هذا الطَّرِيقَ المِعْوَجَّ، تَقْلِيدَاً لِآبَائِكُمْ، وَاسْتِجَابَةً لِأَهْوَائِكُمْ وَشَهَوَاتِكُم، وَإِيثَارَاً للبَاطِلِ على الحَقِّ.
وبناء على ذلك:
فالأَصْنَامُ وَكُلُّ مَن عُبِدَ من دُونِ اللهِ تعالى يُكَذِّبُ العَابِدِينَ لَهُم من دُونِ اللهِ تعالى، بِأَنَّهُم مَا دَعَوْهُم إلى عِبَادَتِهِم من دُونِ اللهِ تعالى، بَلْ هُم جَعَلُوهُم آلِهَةً من دُونِ اللهِ تعالى، الأَصْنَامُ مَا قَالَتْ لَهُم: أَنَّهُم آلِهَةٌ من دُونِ اللهِ تعالى، وَسَيِّدُنَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ مَا قَالَ لَهُم مِثْلَ هذا القَوْلِ، بَلْ حَتَّى الشَّيْطَانُ مَا قَالَ لَهُم هذا، بَلْ كَمَا قَالَ تعالى مُخْبِرَاً عَنْهُ: ﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |