طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَوْلُهُ تعالى عَن سَيِّدِنَا يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ﴾. هذا اسْتِفْهَامٌ يَتَضَمَّنُ التَّذْكِيرَ بِحَالٍ يَقْتَضِي تَوْبِيخَهُم عَلَيْهِ، وَهُوَ تَعْظِيمُ القِصَّةِ، يَعْنِي: مَا أَعْظَمَ مَا ارْتَكَبْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ، وَمَا أَقْبَحَ مَا أَتَيْتُم بِهِ من قَطِيعَةِ رَحِمِهِ، وَتَضْيِيعِ حَقِّهِ.
لَقَد آذَوْا سَيِّدَنَا يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِإِلْقَائِهِ في الجُبِّ، والتَّفْرِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدَيْهِ، وَأَخِيهِ الشَّقِيقِ، فَكَانَ مَا فَعَلُوهُ بِأَخِيهِ هُوَ تَعْرِيضُهُ للغَمِّ، وَإِدْخَالُ الجَزَعِ والحُزْنِ عَلَيْهِ بِإِفْرَادِهِ عَن أَخِيهِ الشَّقِيقِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَاهُ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ مَعَ عَظِيمِ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ من الهَمِّ والغَمِّ بِفِرَاقِهِ كَمَا ذَكَرَ أَخَاهُ، تَعْظِيمَاً للأَبِ، وَرَفْعَاً من قَدْرِهِ.
وبناء على ذلك:
فالفِعْلُ الذي فَعَلَهُ إِخْوَةُ سَيِّدِنَا يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ في حَقِّ أَخِيهِ، إِنَّمَا هُوَ الهَمُّ والغَمُّ والكَرْبُ الذي حَصَلَ لَهُ بِسَبَبِ فِرَاقِ أَخِيهِ الشَّقِيقِ، وَمَا كَانُوا يُحْسِنُونَ إِلَيْهِ، بَلْ يُذِلُّونَهُ وَيَشْتُمُونَهُ.
وَقَد نَسَبَهُم سَيِّدُنَا يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ إلى الجَهْلِ بِمِقْدَارِ حَجْمِ هذهِ المَعْصِيَةِ والسَّيِّئَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |