السؤال :
هل ورد في الأحاديث الشريفة الترغيب في تكثير الصفوف في صلاة الجنازة؟ وكيف يكون المشي مع الجنازة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7545
 2016-09-03

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: روى الترمذي عَنْ مَالِكِ بْنِ هُبَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّهُ إِذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ، فَتَقَالَّ النَّاسَ عَلَيْهَا، جَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ؛ ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ فَقَدْ أَوْجَبَ».

وروى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى جِنَازَةٍ، وَمَعَهُ سَبْعَةُ نَفَرٍ، فَجَعَلَ ثَلَاثَةً صَفَّاً، وَاثْنَيْنِ صَفَّاً، وَاثْنَيْنِ صَفَّاً.

وروى الإمام أحمد عَنْ مَالِكِ بْنِ هُبَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَمُوتُ، فَيُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْـمُسْلِمِينَ يَبَلَغُوا أَنْ يَكُونُوا ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ إِلَّا غُفِرَ لَهُ».

فَكَانَ مَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ يَتَحَرَّى إِذَا قَلَّ أَهْلُ جِنَازَةٍ، أَنْ يَجْعَلَهُمْ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ.

وَقَدِ اسْتحَبَّ الفُقَهَاءُ أَنْ تُجْعَلَ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ أَثْنَاءَ صَلَاةِ الجِنَازَةَ أَقَلُّ شَيْءٍ، وَلَو لَمْ تَكْتَمِلِ الصُّفُوفُ.

ثانياً: أَمَّا اتِّبَاعُ الجَنَائِزِ فَقَدْ جَاءَ في صَحِيحِ الإمام البخاري عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الجِنَازَةِ».

قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: الْاتِّبَاعُ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى التَّالِي، وَلَا يُسَمَّى الْـمُقَدَّمُ تَابِعَاً بَلْ هُوَ مَتْبُوعٌ، وَالْأَمْرُ لِلنَّدْبِ لَا لِلْوُجُوبِ لِلْإِجْمَاعِ.

وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَدِّمْهَا بَيْنَ يَدَيْك، وَاجْعَلْهَا نُصْبَ عَيْنَيْك، فَإِنَّمَا هِيَ مَوْعِظَةٌ وَتَذْكِرَةٌ وَعِبْرَةٌ؛ وَذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى سُنِّيَّةِ تَشْيِيعِ الرِّجَالِ للجِنَازَةِ.

ثالثاً: وَقَدْ حَضَّنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ على الصَّلَاةِ على الجِنَازَةِ وَشُهُودِ دَفْنِهَا، روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ شَهِدَ الجِنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ، فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ».

قِيلَ: وَمَا القِيرَاطَانِ؟

قَالَ: «مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ».

وروى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ تَبِعَ جِنَازَةً فَلَهُ قِيرَاطٌ مِنَ الْأَجْرِ».

فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَكْثَرَ عَلَيْنَا أَبُو هُرَيْرَةَ؛ فَبَعَثَ إِلَى عَائِشَةَ، فَسَأَلَهَا، فَصَدَّقَتْ أَبَا هُرَيْرَةَ.

فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا: «لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ».

وروى الحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَبِعَ جِنَازَةً فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ شَهِدَ دَفْنَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ».

وروى الإمام أحمد عَنْ أُبَيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَبِعَ جِنَازَةً حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا، وَيُفْرَغَ مِنْهَا، فَلَهُ قِيرَاطَانِ، وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا، فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِهِ مِنْ أُحُدٍ».

وبناء على ذلك:

فَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الجِنَازَةِ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ أَقَلَّ شَيْءٍ، وَأَنْ يَكُونَ المَسِيرُ خَلْفَهَا عِنْدَ تَشْيِيعِهَا، فَالمُصَلِّي وَالمُشَيِّعُ للجِنَازَةِ لَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. هذا، والله تعالى أعلم.