طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ جَاءَ في المَوْسُوعَةِ الفِقْهِيَّةِ الكُوَيْتِيَّةِ: لَا بَأْسَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِصَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِانْفِرَادِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.
وَيُنْدَبُ عِنْدَ المَالِكِيَّةِ، لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، أَنَّهُ كَانَ يَصُومُهُ وَلَا يُفْطِرُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: جَاءَ حَدِيثٌ فِي كَرَاهَتِهِ إِلَّا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ، فَكَانَ الاحْتِيَاطُ أَنْ يَضُمَّ إِلَيْهِ يَوْمَاً آخَرَ.
وَجَاءَ في الدُّرِّ المُخْتَارِ وَحَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: وَلَا بَأْسَ بِصَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُهُ وَلَا يُفْطِرُ. اهـ.
وبناء على ذلك:
فَلَا حَرَجَ مِنْ صِيَامِ يَوْمِ الجُمُعَةِ مُنْفَرِدَاً، وَإِنْ كَانَ الأَوْلَى أَنْ يَضُمَّ إِلَيْهِ يَوْمَاً قَبْلَهُ أَو يَوْمَاً بَعْدَهُ خُرُوجَاً مِنَ الخِلَافِ.
أَمَّا إِذَا صَادَفَ يَوْمَاً نُدِبَ فِيهِ صَوْمُهُ فَتَنْتَفِي الكَرَاهِيَةُ، كَمَا لَو صَادَفَ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، لِمَا رَوَى الإمام البخاري عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ سَـأَلَهُ أَوْ سَأَلَ رَجُلَاً وَعِمْرَانُ يَسْمَعُ فَقَالَ: «يَا أَبَا فُلَانٍ، أَمَا صُمْتَ سَرَرَ هَذَا الشَّهْرِ؟». (يَعْنِي وَسَطَهُ).
وَلِمَا رَوَى ابن ماجه والبيهقي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُومُوا لَيْلَهَا، وَصُومُوا نَهَارَهَا». وَإِنْ كَانَ هَذَا الحَدِيثُ ضَعِيفَاً فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ في فَضَائِلِ الأَعْمَالِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |