طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ رَوَى الإمام مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، وَلَا أَكُفَّ ثَوْبَاً وَلَا شَعْرَاً».
وفي رِوَايَةٍ للشَّيْخَيْنِ: «وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ، وَلَا الشَّعْرَ».
الكَفُّ وَالكَفْتُ: هُوَ جَمْعُ الثَّوْبِ لِئَلَّا يَقَعَ عَلَى الأَرْضِ عِنْدَ السُّجُودِ؛ وَالمُرَادُ: أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ ثِيَابَهُ وَلَا شَعْرَهُ أَثْنَاءَ السُّجُودِ.
وَذَكَرَ الفُقَهَاءُ أَنَّ تَشْمِيرَ الثَّوْبِ، أَو كَفْتَ الكُمِّ في الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهَاً، وَيَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: اتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ وَثَوْبُهُ مُشَمَّرٌ وَكُمُّهُ أَو نَحْوُهُ، أَو رَأْسُهُ مَعْقُوصٌ، أَو مَرْدُودٌ شَعْرُهُ تَحْتَ عِمَامَتِهِ، أَو نَحْوُ ذَلِكَ، فَكُلُّ هَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ العُلَمَاءِ.
وبناء على ذلك:
فَعَلَى المُصَلِّي أَنْ لَا يَجْمَعَ ثِيَابَهُ وَلَا شَعْرَهُ أَثْنْاءَ الصَّلَاةِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ كَفَّ ثَوْبَهُ وَشَعْرَهُ في الصَّلَاةِ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ، وَلَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَالحِكْمَةُ في النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ هِيَ إِرَادَةُ سُجُودِ الثَّوْبِ وَالشَّعْرِ مَعَ المُصَلِّي، إِلَّا إِذَا كَانَ الكَفُّ لِـضَرُورَةٍ، أَو كَانَ الثَّوْبُ دُونَ الكَعْبَيْنِ، عِنْدَهَا لَا حَرَجَ في كَفِّ الثَّوْبِ.
وَتَجْدُرُ الإِشَارَةُ إلى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي للمُصَلِّي أَنْ يُشَمِّرَ عَنْ أَكْمَامِهِ عِنْدَ إِرَادَتِهِ الصَّلَاةَ، فَإِنْ شَمَّرَ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ مَعَ كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |