طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ رَوَى الإمام مسلم عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنِ الرَّجُلِ يُصْبِحُ جُنُبَاً أَيَصُومُ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبَاً مِنْ غَيْرِ احْتِلَامٍ، ثُمَّ يَصُومُ.
وروى الترمذي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ لَا يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ: الحِجَامَةُ، وَالقَيْءُ، وَالِاحْتِلَامُ».
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّ مَنْ أَجْنَبَ لَيْلَاً، ثُمَّ أَصْبَحَ صَائِمَاً، فَصَوْمُهُ صَحِيحٌ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِن بَقِيَ جُنُبَاً كُلَّ اليَوْمِ، وَلَكِنْ يَكُونُ آثِمَاً بِتَرْكِ الاغْتِسَالِ، لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ.
وبناء على ذلك:
فَعِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبَاً وَهُوَ صَائِمٌ فَصِيَامُهُ صَحِيحٌ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَصْبَحَ جُنُبَاً، فَلَا صَوْمَ لَهُ» رواه الإمام أحمد. فَبَعْضُهُمْ قَالَ مَنْسُوخٌ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ فِيهِ إِرْشَادٌ للأَكْمَلِ وَالأَفْضَلِ، وَهُوَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ قَبْلَ الفَجْرِ لِيَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ تَامَّةٍ مِنْ أَوَّلِ الصَّوْمِ، وَأَمَّا تَأْخِيرُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الاغْتِسَالَ تَشْرِيعَاً للأُمَّةِ بِجَوَازِ ذَلِكَ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |