طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ رَوَى الإمام أحمد وأبو داود عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَتُهُ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمَاً، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى». قَالَ أَبُو عبيد: العَقِيقَةُ أَصْلُهَا الشَّعْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى رَأْسِ الصَّبِيِّ حِينَ يُولَدُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الشَّاةُ الَّتِي تُذْبَحُ عَنْهُ عَقِيقَةً، لِأَنَّهُ يُحْلَقُ عَنْهُ الشَّعْرُ عِنْدَ الذَّبْحِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: «وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى». وَيَعْنِي بِالأَذَى ذَلِكَ الشَّعْرَ.
وروى ابن ماجه عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدٍ المُزَنِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُعَقُّ عَنِ الْغُلَامِ، وَلَا يُمَسُّ رَأْسُهُ بِدَمٍ».
وروى أبو داود عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ قَالَ: كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ ذَبَحَ شَاةً وَلَطَخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا، فَلَمَّا جَاءَ اللهُ بِالْإِسْلَامِ كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً، وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ، وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ.
وروى ابْنُ حِبَّانَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا عَقُّوا عَنِ الصَّبِيِّ خَضَبُوا قُطْنَةً بِدَمِ الْعَقِيقَةِ، فَإِذَا حَلَقُوا رَأْسَ الصَّبِيِّ وَضَعُوهَا عَلَى رَأْسِهِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوا مَكَانَ الدَّمِ خَلُوقَاً».
وبناء على ذلك:
فَلَا يَجُوزُ خِضَابُ ـ تَلْطِيخُ ـ رَأْسِ المَوْلُودِ بِدَمِ عَقِيقَتِهِ، لِأَنَّ الدَّمَ نَجِسٌ، وَيَجِبُ إِبْعَادُ النَّجَاسَةِ عَنْهُ، وَهَذَا كَانَ مِنْ عَادَةِ الجَاهِلِيَّةِ، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَضَّبَ بِـشَيْءٍ مِنَ الزَّعْفَرَانِ، أَو شَيْءٍ مِنَ الطِّيبِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |