السؤال :
هل يجوز أخذ الربا في حالة الاضطرار؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8455
 2017-11-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالرِّبَا حَرَّمَهُ دِينُنَا الحَنِيفُ تَحْرِيمَاً قَطْعِيَّاً، وَتَوَعَّدَ فَاعِلَ ذَلِكَ وَعِيدَاً شَدِيدَاً بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾.

وَقَدْ لَعَنَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ»؛ وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ».

وبناء على ذلك:

فَالتَّعَامُلُ بالرِّبَا إِعْطَاءً وَأَخْذَاً كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، وَمَا هُوَ وَجْهُ الاضْطِرَارِ للتَّعَامُلِ بِالرِّبَا؟

وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْكُنَ الإِنْسَانُ في مَسْكَنٍ تَعُودُ مِلْكِيَّتُهُ لَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَشْتَرِيَ سَيَّارَةً، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ رَأْسُمَالٍ يَعْمَلُ بِهِ، فَبِالإِمْكَانِ أَنْ يَسْكُنَ بِالآجَارِ، أَو يَسْتَأْجِرَ سَيَّارَةً، أَو يَعْمَلَ أَجِيرَاً، وَأَنْ يَأْكُلَ مَا تَيَسَّرَ، وَيَلْبَسَ مَا تَيَسَّرَ، فَمَا هُوَ الاضْطِرَارُ لِأَخْذِ القُرُوضِ الرِّبَوِيَّةِ؟ المُضْطَرُّ يَتَوَجَّهُ إلى اللهِ تعالى بِالدُّعَاءِ، قَالَ تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلَاً مَا تَذَكَّرُونَ﴾.

وَلْيَذْكُرِ العَبْدُ قَوْلَ سَيِّدِنَا نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَوْمِهِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارَاً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارَاً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارَاً﴾.

وَلْيَذْكُرْ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجَاً، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجَاً، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ» رواه أبو داود عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَمَنْ تَرَكَ شَيْئَاً للهِ عَوَّضَهُ اللهُ خَيْرَاً مِنْهُ. هذا، والله تعالى أعلم.