طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَإِنَّ اقْتِدَاءَ النَّاطِقِ بِالأَخْرَسِ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنِ النُّطْقِ بِتَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ وَالتِّلَاوَةِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الفُقَهَاءِ؛ وَبَعْضُ الفُقَهَاءِ قَالَ بِصِحَّةِ إِمَامَتِهِ لِمِثْلِهِ؛ وَبَعْضُهُمْ قَالَ لَا تَصِحُّ إِمَامَتُهُ وَلَو لِأَخْرَسٍ مِثْلِهِ.
روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَأُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمَاً، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ».
أَمَّا الاقْتِدَاءُ بِالأَصَمِّ فَلَا خِلَافَ بِجَوَازِ الاقْتِدَاءِ بِهِ، لِأَنَّ الصُّمَّ لَا يُخِلُّ بِشَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَلَا بِشُرُوطِهَا.
وبناء على ذلك:
فَقَدِ اتَّفَقَتِ المَذَاهِبُ الأَرْبَعَةُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ إِمَامَةِ الأَبْكَمِ (الأَخْرَسِ) لِغَيْرِهِ مِنَ النَّاطِقِينَ، وَأَمَّا إِمَامَتُهُ لِمِثْلِهِ فَفِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ الفُقَهَاءِ.
أَمَّا إِمَامَةُ الأَصَمِّ فَصَحِيحَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَلَكِنِ الأَوْلَى أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ للإِمَامَةِ لِأَنَّهُ لَا يَسْمَعُ تَسْبِيحَ الرِّجَالِ، وَلَا تَصْفِيقَ النِّسَاءِ إِذَا أَخْطَأَ في صَلَاتِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |