السؤال :
ما معنى قوله تعالى: ﴿طه﴾. وهل هو اسم من أسماء سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8523
 2017-12-05

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَكَلِمَةُ ﴿طه﴾. في القُرْآنِ العَظِيمِ، كَبَقِيَّةِ الحُرُوفِ المُقَطَّعَةِ في فُوَاتِحِ بَعْضِ السُّوَرِ، وَهِيَ مِنَ الآيَاتِ المُتَشَابِهَاتِ التي لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهَا إِلَّا اللهُ تعالى، وَأَمَّا الرَّاسِخُونَ في العِلْمِ يَقُولُونَ عَنْهَا وَعَنْ أَمْثَالِهَا مِنَ المُتَشَابِهِ: ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾.

وَيَقُولُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُ هِمَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ: الحُرُوفُ المُقَطَّعَةُ مِنَ المَكْتُومِ الذي لَا يُفَسَّرُ.

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَمْ نَجِدِ الْحُرُوفَ المُقَطَّعَةُ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ، وَلَا نَدْرِي مَا أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا.

وَيَقُولُ الرَّبِيعُ بْنُ خَثْيَمَ: إِنَّ اللهَ تعالى أَنْزَلَ هَذَا القُرْآنَ فَاسْتَأْثَرَ مِنْهُ بِعِلْمٍ مَا شَاءَ، وَأَطْلَعَكُمْ عَلَى مَا شَاءَ، فَأَمَّا مَا اسْتَأْثَرَ بِهِ لِنَفْسِهِ فَلَسْتُمْ بِنَائِلِيهِ فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهُ، وَأَمَّا الذي أَطْلَعَكُمْ عَلَيْهِ فَهُوَ الذي تَسْأَلُونَ عَنْهُ وَتُخْبِرُونَ بِهِ، وَمَا بِكُلِّ القُرْآنِ تَعْلَمُونَ، وَلَا بِكُلِّ مَا تَعْلَمُونَ تَعْمَلُونَ.

وبناء على ذلك:

فَاللهُ تعالى أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ مِنَ الحُرُوفِ المُقَطَّعَةِ في فَوَاتِحِ السُّوَرِ، وَهِيَ مِنَ المُتَشَابِهِ في القُرْآنِ اخْتِبَارَاً وَامْتِحَانَاً، فَمَنْ آمَنَ وَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ الرَّاسِخُونَ في العِلْمِ أُثِيبَ عَلَى ذَلِكَ.

وَمِنْهُمْ مَن قَالَ أَنَّهَا إِشَارَةٌ إلى أَنَّهَا تَلْمِيحٌ وَتَنْبِيهٌ عَلَى إِعْجَازِ القُرْآنِ الكَريمِ، وَذَلِكَ بِسَبَبِ سَرْدِ بَعْضِ حُرُوفِ اللُّغَةِ التي تَتَرَكَّبُ اللُّغَةُ مِنْهَا، ثُمَّ التَّحَدِّي بِمَا أُحْكِمَ مِنْ بَدِيعِ التَّرْكِيبِ المُعْجِزِ مِنْهَا، فَعَلَى ذَلِكَ هِيَ تَأْكِيدٌ عَلَى أَنَّ القُرْآنَ الكَرِيمَ الذي تَحَدَّى اللهُ تعالى بِهَا فُصَحَاءَ العَرَبِ عَنْ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ أَو بِسُورَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ مِثْلِهِ فَعَجَزُوا، كُلُّ ذَلِكَ تَأْكِيدٌ أَنَّ القُرْآنَ الكَرِيمَ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ العَزِيزِ العَلِيمِ وَلَا طَاقَةَ للبَشَرِ عَلَى الإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ.

وَكَلِمَةُ ﴿طه﴾. وَ﴿يس﴾. لَيْسَتَا مِنْ أَسْمَاءِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ وَهَذَا عِنْدَ جُلِّ العُلَمَاءِ، وَبَعْضُ العُلَمَاءِ قَالَ بِأَنَّهَا اسْمٌ للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَ: ﴿يس﴾. وَلَكِنْ بِدُونِ دَلِيلٍ، لِذَا لَا يُنْكَرُ عَلَى مَنْ ذَكَرَ هَذَا الاسْمِ في أَشْعَارِهِ.

وَلَيْسَ كَمَا يَقُولُ البَعْضُ: ﴿طه﴾. تَعْنِي طَأْهَا يَا مُحَمَّدُ، يَعْنِي طَأِ الأَرْضَ، وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ مِنَ التَّفَاسِيرِ التي لَا صِحَّةَ لَهَا. هذا، والله تعالى أعلم.