طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ رَوَى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ يَأْذَنِ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ (أَيْ: مَا اسْتَمَعَ لِـشَيْءٍ مَا اسْتَمَعَ للنَّبِيِّ) أَنْ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ (يُحَسِّنُ صَوْتَهُ بِهِ وَيَطْرَبُ لَهُ)».
وروى كَذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ».
وروى الإمام أحمد والحاكم وَغَيْرُهُمَا عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ».
وَقَدْ نَصَّ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِتَالِي القُرْآنِ العَظِيمُ تَحْسِينُ القِرَاءَةِ وَتَرْتِيلُهَا، وَأَنْ يُمكِّنَ حُرُوفَ المَدِّ وَاللِّينِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ.
وَيَقُولُ الإِمَامُ أَحْمَدُ: يُحَسِّنُ القَارِئُ صَوْتَهُ بِالقُرْآنِ، وَيَقْرَأُهُ بِحُزْنٍ وَتَدَبُّرٍ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ تَحْسِينَ الصَّوْتِ بِالقُرْآنِ وَتَطْرِيبَهُ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ مَكْرُوهٍ، إِذَا لَمْ يُفْضِ إلى زِيَادَةِ حَرْفٍ فِيهِ أَو تَغْيِيرِ لَفْظِهِ.
روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي مُوسَى: «لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ الْبَارِحَةَ، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارَاً مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ».
وفي رِوَايَةِ الحَاكِمِ: فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَا نَبِيَّ اللهِ، لَوْ عَلِمْتُ بِمَكَانِكَ لَحَبَّرْتُ لَكَ تَحْبِيرَاً. (وَالتَّحْبِيرُ: أَيْ التَّحْسِينُ).
وبناء على ذلك:
فَالتَّغَنِّي بِالقُرْآنِ العَظِيمِ يَعْنِي تَحْسِينَ الصَّوْتِ بِالتِّلَاوَةِ، مَعَ ضَبْطِ أَحْكَامِ التَّجْوِيدِ وَعَدَمِ الخُرُوجِ عَلَيْهَا. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |