السؤال :
هل تصح الصلاة قاعداً بغير عذر؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8769
 2018-03-24

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَإِنَّ القِيَامَ في صَلَاةِ الفَرِيضَةِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، فَمَنْ كَانَ قَادِرَاً عَلَى القِيَامِ وَصَلَّى قَاعِدَاً فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ غَيرُ صَحِيحَةٍ يَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَتُهَا، للحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «صَلِّ قَائِمَاً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدَاً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ».

أَمَّا إِذَا كَانَ مَرِيضَاً لَا يَسْتَطِيعُ القِيَامَ، وَكَانَ قِيَامُهُ يَضُرُّ بِهِ، أَو يُؤَخِّرُ شِفَاءَهُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدَاً.

أَمَّا إِذَا كَانَتِ الصَّلَاةُ نَافِلَةً، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الفُقَهَاءِ في جَوَازِ صَلَاتِهَا قَاعِدَاً مَعَ القُدْرَةِ عَلَى القِيَامِ، وَإِنْ كَانَ القِيَامُ أَفْضَلَ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى قَائِمَاً فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدَاً فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمَاً فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَاعِدِ» رواه الإمام البخاري عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَمَّا إِذَا كَانَ عَاجِزَاً عَنِ القِيَامِ فَصَلَّى قَاعِدَاً فَلَهُ الأَجْرُ كَامِلَاً، وَمَنْ كَانَ عَاجِزَاً عَنِ السُّجُودِ فَقَدْ سَقَطَ القِيَامُ في حَقِّهِ، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدَاً وَلَو كَانَ القِيَامُ لَا يَضُرُّهُ.

تَقُولُ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمُتْ حَتَّى كَانَ كَثِيرٌ مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ جَالِسٌ. رواه الإمام مسلم.

وبناء على ذلك:

فَصَلَاةُ الفَرِيضَةِ قَاعِدَاً لِمَنْ كَانَ قَادِرَاً عَلَى القِيَامِ صَلَاةٌ بَاطِلَةٌ، يَجِبُ إِعَادَتُهَا بِاتِّفَاقِ الفُقَهَاءِ، أَمَّا إِذَا كَانَ الإِنْسَانُ عَاجِزَاً عَنِ القِيَامِ فَبِإِجْمَاعِ الأُمَّةِ صَلَاتُهُ قَاعِدَاً صَحِيحَةٌ، وَلَا يَجِبُ إِعَادَتُهَا.

أَمَّا صَلَاةُ النَّافِلَةِ قَاعِدَاً لِمَنْ كَانَ قَادِرَاً عَلَى القِيَامِ فَجَائِزَةٌ بِاتِّفَاقِ الفُقَهَاءِ، وَلَكِنْ لَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَائِمِ؛ أَمَّا إِذَا صَلَّى النَّافِلَةَ لِعَجْزٍ عَنِ القِيَامِ، فَلَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ، بَلْ يَكُونُ أَجْرُهُ تَامَّاً كَأَجْرِ القَائِمِ. هذا، والله تعالى أعلم.