طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَجِبُ عَلَى المَدِينِ سَدَادُ الدَّيْنِ المُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ عِنْدَ الأَجَلِ المُحَدَّدِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَذَكَّرَ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ مِنْ مَالٍ حَلَالٍ لَا مِنْ مَالٍ حَرَامٍ، لِأَنَّ مَنْ أَكَلَ الحَرَامَ عَامِدَاً مُتَعَمِّدَاً وَهُوَ يَعْلَمُ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ، إِنْ لَمْ يَتُبْ إلى اللهِ تعالى، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ» رواه الترمذي عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. هَذَا أَوَّلَاً.
ثانياً: للدَّائِنِ حَقُّ المُطَالَبَةِ بِحَقِّهِ، وَلَيْسَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَسْأَلَ عِنْدَ سَدَادِ الدَّيْنِ: هَذَا المَالُ مِنْ حَلَالٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ؟
وَلَكِنْ إِذَا عَلِمَ أَنَّ عَيْنَ المَالِ مِنْ حَرَامٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِحَقِّهِ مِنْ غَيْرِ هَذَا المَالِ الحَرَامِ.
وبناء على ذلك:
فَإذَا عَلِمَ الدَّائِنُ أَنَّ المَالَ الذي يُعْطَى لَهُ مِنْ قِبَلِ المَدِينِ هُوَ مَالٌ حَرَامٌ مَـسْرُوقٌ، يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُهُ، لِأَنَّهُ يَجِبُ رَدُّهُ إلى صَاحِبِهِ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ فَلَا حَرَجَ مِنْ أَخْذِ حَقِّهِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |