طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: أَنْصَحُ أُمَّكَ وَخَالَكَ أَنْ يُحَكِّمَا شَرْعَ اللهِ تعالى في خِلَافِهِمَا، وَأَنْ يَـسْتَحْضِرَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجَاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمَاً﴾.
ثانياً: أَنْصَحُ أُمَّكَ وَخَالَكَ أَنْ يَجْعَلُوا الدُّنْيَا هَمْزَةَ وَصْلٍ بَيْنَهُمَا، لَا هَمْزَةَ قَطْعٍ، فَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ».
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ.
وَلْيَسْمَعَا قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوَّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾.
فَالشَّيْطَانُ أَوْقَعَ بَيْنَهُمَا العَدَاوَةَ بِسَبَبِ دُنْيَا لَا تُسَاوِي بِأَسْرِهَا جَنَاحَ بَعُوضَةٍ عِنْدَ اللهِ تعالى.
أَمَا سَمِعْنَا قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا» رواه الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثالثاً: لِيَسْمَعْ كُلُّ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الأَحِبَّةِ، بِوِشَايَةٍ وَبِغِيبَةٍ وَنَمِيمَةٍ، قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خِيَارُ عِبَادِ اللهِ الَّذِينَ إِذَا رُؤُوا ذُكِرَ اللهُ، وَشِرَارُ عِبَادِ اللهِ المَشَّاؤُونَ بِالنَّمِيمَةِ، المُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ، البَاغُونَ الْبُرَآءَ العَنَتَ».
وبناء على ذلك:
فَأَنْصَحُكَ أَنْ تُبَلِّغَ مَا قُلْتُهُ لَكَ لِأُمِّكَ وَخَالِكَ، وَدُمْ عَلَى الإِصْلَاحِ بَيْنَهُمَا مَا اسْتَطَعْتَ إلى ذَلِكَ سَبِيلَاً، وَذَكِّرْهُمْ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾.
فَإِذَا خَسِرَتْ أُمُّكَ المَالَ فَلَا تَخْسَرْ أَخَاهَا، وَإِذَا خَسِرَ خَالُكَ المَالَ فَلَا يَـخْسَرْ أُخْتَهُ، وَلْيَذْكُرَا أَنَّ أَعْمَالَهُمَا تُعْرَضُ عَلَى وَالِدَيْهِمَا، وَعَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَمَا هُمْ قَائِلُونَ بِهَذَا العَرْضِ؟
فَلْيَقْطَعُوا دَابِرَ شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجِنِّ، وَلْيَشْتَرِ كُلٌّ مِنْهُمَا الآخَرَ.
اللَّهُمَّ لَا تُفَرِّقْ جَمْعَهُمْ، وَلَا تُشَتِّتْ شَمْلَهُمْ، وَأَخْزِ شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنِّ عَاجِلَاً غَيْرَ آجِلٍ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |