طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدِ اتَّفَقَ الأَئِمَّةُ الأَرْبَعَةُ عَلَى أَنَّ رَدَّ السَّلَامِ مِنَ المُصَلِّي بِالقَوْلِ وَهُوَ في صَلَاتِهِ مُبْطِلٌ لَهَا.
وَأَمَّا الرَّدُّ بِالإِشَارَةِ فَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ السَّادَِةِ الشَّافِعِيَّةِ، وَيُكْرَهُ عِنْدَ السَّادَةِ الحَنَفِيَّةِ، وَلَا تَفْسُدُ بِهِ الصَّلَاةُ ـ يَعْنِي الرَّدُّ بِالإِشَارَةِ ـ.
جَاءَ في حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: لَا يُفْسِدُهَا (يَعْنِي لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ) رَدُّ السَّلَامِ بِيَدِهِ، خِلَافَاً لِمَنْ عَزَا إلَى أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ مُفْسِدٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ نَقْلُهُ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ المَذْهَبِ.
وبناء على ذلك:
فَلَا حَرَجَ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ بِالإِشَارَةِ أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ، لِمَا رواه الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنِي لِحَاجَةٍ، ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يَسِيرُ ـ قَالَ قُتَيْبَةُ: يُصَلِّي ـ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَأَشَارَ إِلَيَّ.
فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي فَقَالَ: «إِنَّكَ سَلَّمْتَ آنِفَاً وَأَنَا أُصَلِّي».
وفي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَنِي فِي حَاجَةٍ، فَرَجَعْتُ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَوَجْهُهُ عَلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أُصَلِّي».
وَيُكْرَهُ رَدُّ السَّلَامِ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |