طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَد روى الدارقطني والبيهقي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَسْتَدِينُ وَأُضَحِّي؟
قَالَ: «نَعَمْ، فَإِنَّهُ دَيْنٌ مَقْضِيُّ».
وَالأَصْلُ في الاسْتِدَانَةِ الإِبَاحَةُ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّىً فَاكْتُبُوهُ﴾. وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَدِينُ.
وَقَدْ نَصَّ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الاسْتِدَانَةَ مِنْ أَجْلِ حَقِّ اللهِ تعالى لَا تَثْبُتُ إِلَّا عَلَى الغَنِيِّ القَادِرِ عَلَيْهَا، فَلَا يُلْزَمُ بِالاسْتِدَانَةِ لِيَصِيرَ مُلْزَمَاً بِشَيْءٍ مِنْهَا.
كَمَنْ يَسْتَدِينُ كَيْ يَحُجَّ، أَو يَعْتَمِرَ، أَو يُضَحِّي.
وبناء على ذلك:
فَالشَّرْعُ لَمْ يُكَلِّفِ الإِنْسَانَ أَنْ يَسْتَدِينَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُضَحِّيَ، وَلَكِنْ إِنِ اسْتَدَانَ وَكَانَ يَرْجُو وَفَاءً فَلَا حَرَجَ مِنَ الاسْتِدَانَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ في حَدِيثِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفَاً.
وَخَاصَّةً إِذَا حَرَّرَ نِيَّتَهُ، وَأَرَادَ أَنْ يَتَقَرَّبَ إلى اللهِ تعالى بِالأُضْحِيَةِ، لَا مِنْ أَجْلِ المُبَاهَاةِ وَالرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ، وَكَانَ يَنْوِي الأَدَاءَ، فَاللهُ تعالى يُعِينُهُ عَلَى الأَدَاءِ، «فَإِنَّهُ دَيْنٌ مَقْضِيُّ».
وَيُؤَكِّدُ هَذَا حَدِيثُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2023 https://www.naasan.net/print.ph/ |