طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالأُضْحِيَةُ وَاجِبَةٌ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، وَسُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَمَنْ قَالَ بِوُجُوبِهَا اشْتَرَطَ لِوُجُوبِهَا مِلْكَ النِّصَابِ، وَهُوَ مَا يُعَادِلُ 700 غ من الفِضَّةِ، وَالإِقَامَةَ، فَمَنْ مَلَكَ النِّصَابَ، وَكَانَ مُقِيمَاً وَجَبَتْ عَلَيْهِ الأُضْحِيَةُ، وَلَا يُشَارِكُهُ أَحَدٌ فِيهَا.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِأَنَّ الأُضْحِيَةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، قَالَ: الأُضْحِيَةُ الوَاحِدَةُ تُجْزِئُ عَنِ الرَّجُلِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، روى الترمذي عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ: كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
فَقَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَتْ كَمَا تَرَى.
وَهَذَا الحَدِيثُ نَصٌّ صَرِيحٌ في أَنَّ الشَّاةَ الوَاحِدَةَ تُجْزِئُ عَنِ الرَّجُلِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَيَدْخُلُ في أَهْلِ البَيْتِ الزَّوْجَةُ وَالأَوْلَادُ، وَكَذَلِكَ القَرِيبُ إِذَا كَانَ يَسْكُنُ في البَيْتِ، وَكَانَ مَشْمُولَاً بِنَفَقَةِ صَاحِبِ البَيْتِ.
وبناء على ذلك:
فَإِذَا كَانَ الأَخَوَانِ يَعِيشَانِ في بَيْتٍ وَاحِدٍ وَاشْتَرَكَا عَلَى أُضْحِيَةٍ وَاحِدَةٍ، فَيُضَحِّي أَحَدُهُمَا بِهَا، وَيُكْتَبُ الأَجْرُ للآخَرِ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى، وَهَذَا عِنْدَ السَّادَةِ الشَّافِعِيَّةِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الأَخَوَانِ مُنْفَصِلَيْنِ عَنْ بَعْضِهِمَا في السُّكْنَى، فَالأُضْحِيَةُ تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ دُونَ الآخَرِ، فَإِنْ كَانَ الآخَرُ مَالِكَاً للنِّصَابِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الأُضْحِيَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكَاً للنِّصَابِ وَعِنْدَهُ قِيمَةُ الأُضْحِيَةِ أَيَّامَ النَّحْرِ زَائِدَةً عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ عِيَالِهِ، فَمِنَ السُّنَّةَ المُؤَكَّدَةِ أَنْ يُضَحِّي، وَإِلَّا فَلَا. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |