طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقُولُ الإِمَامُ البَيْضَاوِيُّ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ: وَلَعْنُهَا في القُرْآنِ لَعْنُ طَاعِمِيهَا، وُصِفَتْ بِهِ عَلَى المَجَازِ للمُبَالَغَةِ، أَو وَصَفَهَا بِأَنَّهَا في أَصْلِ الجَحِيمِ فَإِنَّهُ أَبْعَدُ مَكَانٍ مِنَ الرَّحْمَةِ، أَو بِأَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ مُؤْذِيَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ طَعَامٌ مَلْعُونٌ لَمَّا كَانَ ضَارَّاً.
وَقَالَ جُمْهُورِ المُفَسِّرِينَ: هِيَ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ، وَالمُرَادُ بِلَعْنِهَا لَعْنُ آكِلِهَا، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ﴾. وَالعَرَبُ يَقُولُونَ لِكُلِّ طَعَامٍ مَكْرُوهٍ: مَلْعُونٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَاشُور: وَالمَلْعُونَةُ: أَيِ المَذْمُومَةُ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ: ﴿طَعامُ الْأَثِيمِ﴾. وَقَوْلِهِ: ﴿طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّياطِينِ﴾. وَقَوْلِهِ: ﴿كَالمُهْلِ تَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ﴾. وَقِيلَ: مَعْنَى الْمَلْعُونَةِ: أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ فِي مَكَانِ اللَّعْنَةِ، وَهِيَ الْإِبْعَادُ مِنَ الرَّحْمَةِ، لِأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ فِي مَوْضِعِ الْعَذَابِ.
وبناء على ذلك:
فَالمُرَادُ مِنَ اللَّعْنِ لَهَا لَعْنُ آكِلِهَا، لِأَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا إِلَّا الأَثِيمُ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ﴾. وَالأَثِيمُ مَلْعُونٌ، لِأَنَّ الشَّجَرَةَ لَا ذَنْبَ لَهَا حَتَّى تُلْعَنَ عَلَى الحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا وُصِفَتْ بِلَعْنِ أَصْحَابِهَا عَلَى المَجَازِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |