السؤال :
ما هو الحكم الشرعي في لبس النساء البنطال؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9182
 2018-09-29

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسَاً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشَاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾. أَمْرٌ بِأَخْذِ الزِّينَةِ، وَأَهَمُّهَا سَتْرُ العَوْرَةِ.

لِأَنَّ إِظْهَارَ العَوْرَةِ إِخْلَالٌ بِالصِّفَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الكَرِيمَةِ، وَالآدَابِ العَامَّةِ، وَلِمَا يُسَبِّبُهُ كَشْفُهَا مِنْ إِخْلَالٍ بِالأَخْلَاقِ وَذُيُوعِ مَفَاسِدَ عَظِيمَةِ الأَثَرِ بَيْنَ أَفْرَادِ المُجْتَمَعِ.

فَكَانَ مِنْ تَكْرِيمِ اللهِ تعالى للإِنْسَانِ، وَاحْتِرَامَاً لِآدَمِيَّتِهِ، وَتَمْيِيزَاً لَهُ عَنْ سَائِرِ الحَيَوَانَاتِ، أَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِنِعَمِهِ التي لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، وَكَانَ مِنْهَا اللِّبَاسُ الذي يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ، وَلِيَكُونَ لَهُ بِهَذَا السِّتْرِ مَا يُزَيِّنُهُ وَيُجَمِّلُهُ، بَدَلَاً مِنْ قُبْحِ العُرِيِّ. هذا أولاً.

ثانياً: لِبَاسُ المَرْأَةِ قَدْ يَكْشِفُ العَوْرَةَ لِرِقَّتِهِ، أَو يَسْتُرُهَا، وَلَكِنْ يَصِفُ حَجْمَهَا، وَهُوَ في الحَالَتَيْنِ غَيْرُ شَرْعِيٍّ، وَصَاحِبَتُهُ مُنْدَرِجَةٌ تَحْتَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ» ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ـ وفي رِوَايَةِ الإمام أحمد: وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ـ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

ثالثاً: يَحْرُمُ تَشَبُّهُ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ في زِيِّهِنَّ، فَلَا يَجُوزُ للمَرْأَةِ أَنْ تَلْبَسَ لِبَاسَاً خَاصَّاً بِالرِّجَالِ، لِمَا روى الإمام البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ.

رابعاً: أَوْجَبَ اللهُ تعالى عَلَى المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ سَتْرَ زِينَتِهَا، فَقَالَ تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾.

فَيَجِبُ عَلَى المَرْأَةِ أَنْ تُرَاعِيَ هَذِهِ الأَحْكَامَ عِنْدَ لِبَاسِهَا، فَلَا يَجُوزُ لَهَا لِبَاسُ الثِّيَابِ الشَّفَّافَةِ الرَّقِيقَةِ لِأَنَّهَا تُظْهِرُ العَوْرَةَ، وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَلْبَسَ الثِّيَابَ الضَّيِّقَةَ لِأَنَّهَا تُجَسِّدُ العَوْرَةَ، وَهِيَ إِنْ لَبِسَتْ هَذَا وَقَعَتْ تَحْتَ الوَعِيدِ: «وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ».

كَمَا لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَشَبَّهَ بِزِيِّ الرِّجَالِ في لِبَاسِهِمْ.

وَيَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُ ثِيَابِ الزِّينَةِ.

وبناء على ذلك:

فَلُبْسُ المَرْأَةِ للبِنْطَالِ إِذَا لَمْ يَكُنْ ضَيِّقَاً، وَلَا يَكْشِفُ عَوْرَةً، وَلَا يُجَسِّدُهَا، وَلَمْ يَكُنْ يُشْبِهُ بِنْطَالَ الرَّجُلِ، فَهُوَ جَائِزٌ أَمَامَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ المَحَارِمِ، وَأَمَّا في الشَّارِعِ أَمَامَ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ فَلَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ مِنَ الزِّينَةِ التي يَجِبُ سَتْرُهَا.

وَأَمَّا إِذَا كَانَ البِنْطَالُ ضَيِّقَاً ـ كَمَا هُوَ عَلَيْهِ الحَالُ اليَوْمَ ـ وَمُجَسِّدَاً للعَوْرَةِ، فَيَحْرُمُ لِبَاسُهُ أَمَامَ النِّسَاءِ وَأَمَامَ الرِّجَالِ المَحَارِمِ، فَضْلَاً عَنِ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُكْرِمَنَا بِحُسْنِ الاقْتِدَاءِ وَالاتِّبَاعِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.