طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالمَلَائِكَةُ الكِرَامُ مَخْلُوقَةٌ مِنْ أَجْسَامٍ نُورَانِيَّةٍ لَطِيفَةٍ، وَقَدْ حَجَبَهُمُ اللهُ تعالى عَنْ أَبْصَارِ البَشَرِ فَلَا يَرَوْنَهُمْ، وَحَجَبَ أَبْصَارَنَا عَنْ رُؤْيَتِهِمْ، وَلَمْ يَرَ المَلَائِكَةَ في صُورَتِهِمُ الحَقِيقِيَّةِ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ إِلَّا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَمَا رَأَى سَيِّدَنَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى صُورَتِهِ الحَقِيقِيَّةِ مَرَّتَيْنِ.
وَلَكِنْ إِذَا تَمَثَّلَتِ المَلَائِكَةُ بِصُورَةِ إِنْسَانٍ فَالبَشَرُ يَسْتَطِيعُونَ رُؤْيَتَهُمْ في هَذَا الحَالِ، كَمَا تَمَثَّلَ سَيِّدُنَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ للسَّيِّدَةِ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ، قَالَ تعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرَاً سَوِيَّاً﴾.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ المَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطَاً مِنَ السَّمَاءِ سَادَّاً عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ» رواه الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
وبناء على ذلك:
فَلَا يُمْكِنُ لِبَشَرٍ أَنْ يَرَى مَلَكَاً عَلَى صُورَتِهِ الحَقِيقِيَّةِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَخْلُوقٌ عَلَى هَيْئَةٍ تَخْتَلفُ عَنْ هَيْئَةِ الآخَرِ، فَالإِنْسَانُ مَخْلُوقٌ مِنْ تُرَابٍ، وَالمَلَكُ مَخْلُوقٌ مِنْ نُورٍ، وَهُوَ مَحْجُوبٌ عَنْ أَبْصَارِ النَّاسِ، وَلَا يَرَى المَلَكَ عَلَى صُورَتِهِ الحَقِيقِيَّةِ إِلَّا رَسُولٌ مِنْ رُسُلِ اللهِ تعالى.
أَمَّا إِذَا تَشَكَّلَ المَلَكُ بِصُورَةِ آَدَمِيٍّ فَإِنَّ البَشَرَ يَرَوْنَهُ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |