طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ روى الحاكم والترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُـقْضَى عَنْهُ». يَعْنِي: نَفسُهُ مَحْبُوسَةٌ عَنْ دُخُولِ الجَنَّةِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ.
وَيَجِبُ عَلَى الوَرَثَةِ أَنْ يُسَدِّدُوا دَيْنَ مُوَرِّثِهِمْ مِنَ التَّرِكَةِ قَبْلَ اقْتِسَامِهَا، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾. فَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الإِرْثِ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلَاً أَو كَثيرَاً، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الفُقَهَاءِ.
وبناء على ذلك:
فَيَجِبُ عَلَى أَبْنَاءِ المُتَوَفَّى أَنْ يُسَدِّدُوا الدَّيْنَ عَنْ وَالِدِهِمْ مِنْ مَالِهِ الذي تَرَكَهُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمُ اقْتِسَامُ المَالِ قَبْلَ سَدَادِ الدُّيُونِ وَإِخْرَاجِ وَصِيَّتِهِ، لِأَنَّهُ لَا إِرْثَ إِلَّا بَعْدَ سَدَادِ الدُّيُونِ وَالوَصِيَّةِ.
وَنَفْسُ المُؤْمِنِ مَحْبُوسَةٌ حَتَّى تُسَدَّدَ دُيُونُهُ، وَيَكُونُ المَيْتُ آثِمَاً إِذَا لَمْ يُوصِ بِالدَّيْنِ الذي عَلَيْهِ، وَلَمْ يُحَرِّضِ الوَرَثَةَ عَلَى سَدَادِ دُيُونِهِ، فَإِذَا أَوْصَى وَبَيَّنَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يَبْقَى رَهِينَاً في قَبْرِهِ حَتَّى تُسَدَّدَ دُيُونُهُ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |