طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ جَاءَ في الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدَاً، فَصَلُّوا قُعُودَاً أَجْمَعُونَ».
وَالائْتِمَامُ هُوَ الاتِّبَاعُ، وَالمُتَقَدِّمُ عَلَى إِمَامِهِ غَيْرُ تَابِعٍ، وَلِأَنَّهُ إِذَا تَقَدَّمَ الإِمَامَ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ حَالُ الإِمَامِ، وَيَحْتَاجُ إلى النَّظَرِ وَرَاءَهُ في كُلِّ وَقْتٍ لِيُتَابِعَهُ، فَلَا يُمْكِنُهُ المُتَابَعَةُ.
لِذَلِكَ ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ مِنَ الحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ إلى عَدَمِ جَوَازِ تَقَدُّمِ المَأْمُومِ عَلَى الإِمَامِ.
وَذَهَبَ الإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ تعالى إلى خِلَافِ مَا قَالَهُ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ، وَقَالَ: هَذَا لَيْسَ بِـشَرْطٍ، وَيُجْزِئُهُ التَّقَدُّمُ إِذَا أَمْكَنَهُ مُتَابَعَةُ الإِمَامِ، لَكِنَّهُ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ الإِمَامُ مُتَقَدِّمَاً عَلَى المَأْمُومِ، وَيُكْرَهُ التَّقَدُّمُ عَلَى الإِمَامِ وَمُحَاذَاتُهُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ.
وبناء على ذلك:
فَعِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ لَا يَجُوزُ للمَأْمُومِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الإِمَامِ، وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ وَالجُمُعَةِ عَدَمُ تَقَدُّمِ المَأْمُومِ عَلَى الإِمَامِ.
خِلَافَاً للمَالِكِيَّةِ الذينَ مَا اعْتَبَرُوا ذَلِكَ شَرْطَاً لِصِحَّةِ الاقْتِدَاءِ، وَلَكِنْ قَالُوا بِكَرَاهَةِ تَقَدُّمِ المَأْمُومِ عَلَى الإِمَامِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |