طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالمُنْخَنِقَةُ وَالمَوْقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾.
وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» رواه الإمام مسلم عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
وَنَصَّ الفُقَهَاءُ عَلَى إِنَّ إِحْسَانَ الذَّبْحِ يَعْنِي الرِّفْقَ بِالحَيَوَانِ المَذْبُوحِ، فَلَا يَـصْرَعُهَا في عُنْفٍ، وَلَا يَجُرُّهَا مِنْ رِجْلِهَا جَرَّاً إلى مَكَانِ الذَّبْحِ، وَأَنْ لَا يُحِدَّ السِّكِّينَ أَمَامَهَا، ثُمَّ يُرِيحَهَا بَعْدَ الذَّبْحِ وَيَتْرُكَهَا حَتَّى تَسْكُنَ وَتَبرُدَ.
فَإِذَا كَانَتِ الصَّدْمَةُ الكَهْرُبَائِيَّةُ للحَيَوَانِ قَبْلَ ذَبْحِهِ مِنْ أَجْلِ تَخْفِيفِ مُقَاوَمَتِهِ وَقْتَ الذَّبْحِ، فَهَذَا جَائِزٌ شَرْعَاً، بِشَرْطِ أَنْ لَا تُؤَثِّرَ تِلْكَ الصَّدْمَةُ عَلَى حَيَاتِهِ، بِحَيْثُ لَو تُرِكَ بَعْدَ الصَّدْمَةِ دُونَ ذَبْحٍ عَادَ إلى حَيَاتِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَتْ تُؤَثِّرُ عَلَى حَيَاتِهِ، بِحَيْثُ لَو تُرِكَ بَعْدَ الصَّدْمَةِ بِدُونِ ذَبْحٍ يَمُوتُ، فَلَا يَجُوزُ، وَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ صَارَ بِحُكْمِ المَيْتَةِ.
وبناء على ذلك:
فَإِذَا كَانَتِ الصَّدْمَةُ الكَهْرُبَائِيَّةُ تُضْعِفُ مُقَاوَمَةَ الحَيَوَانِ، وَلَا تُمِيتُهُ إِذَا تُرِكَ بَعْدَ الصَّدْمَةِ بِدُونِ ذَبْحٍ جَازَ ذَلِكَ، وَحَلَّ أَكْلُهُ، وَإلَّا فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، لِأَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ في الذَّبِيحَةِ سَبَبٌ مُحَرِّمٌ، وَآخَرُ مُبِيحٌ تَكُونُ مُحَرَّمَةً. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |