طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَيقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.
فَإِذَا كَانَ المُتَقَدِّمُ مِن خِطْبَةِ الفَتَاةِ صَاحِبَ دِينٍ وَخُلُقٍ، وَعِنْدَهُ المَقْدِرَةُ عَلَى اسْتِئْجَارِ البَيْتِ في حَيٍّ شَعْبِيٍّ أَو غَيْرِ شَعْبِيٍّ، المُهِمُّ أَنْ يَكُونَ البَيْتُ آمِنَاً، فَلَا يَنْبَغِي رَفْضُ هَذَا الخَاطِبِ للوَعِيدِ الذي قَالَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ».
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَمَا دَامَتِ الفَتَاةُ تَرْضَى بِهَذَا الخَاطِبِ، وَتَرْضَى بالسُّكْنَى مَعَهُ، وَلَو كَانَ في حَيٍّ شَعْبِيٍّ مَا دَامَ آمِنَاً، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى القِيَامِ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا، فَيَنْبَغِي عَلَى وَلِيِّهَا أَن يُعِينَ هَذِهِ الفَتَاةَ عَلَى العَفَافِ وَالإِحْصَانِ، وَلَا يَجُوزُ مَنْعُهَا مِنَ الزَّوَاجِ إِذَا كَانَ الخَاطِبُ صَاحِبَ دِينٍ وَخُلُقٍ؛ وَالفَقْرُ لَيْسَ بِعَارٍ، كَمَا أَنَّ السُّكْنَى في الأَحْيَاءِ الشَّعْبِيَّةِ لَيْسَتْ عَارَاً، وَكَذَلِكَ السُّكْنَى في دَارٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لَيْسَ عَارَاً، وَلَكِنَّ العَارَ عَلَى مَنْ تَمَسَّكَ بِالتَّقَالِيدِ العَفِنَةِ، وَكَانَ هَمُّهُ المُبَاهَاةَ وَالمُفَاخَرَةَ.
وَالأُمُّ في هَذِهِ الحَالَةِ تَكُونُ آثِمَةً، إِذَا كَانَ رَفْضُهَا للخَاطِبِ لِكَوْنِهِ يَسْكُنُ في حَيٍّ شَعْبِيٍّ وَبِالآجَارِ، وَلَكِنَّ السُّؤَالَ: أَيْنَ هُوَ وَلِيُّ الفَتَاةِ؟ هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |