طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: لَو تَدَبَّرْنَا الآيَةَ الكَرِيمَةَ لَانْتَفَى الإِشْكَالُ، قَالَ تعالى قَبْلَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمَاً﴾: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرَاً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرَاً وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولَاً * مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرَاً مَقْدُورَاً * الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدَاً إِلَّا اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيبَاً﴾.
هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ تَحَدَّثَتْ عَنْ شَأْنِ زَوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ السَّيِّدَةِ زَيْنَبَ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا سَيِّدُنَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، الذي تَبَنَّاهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ تَحْرِيمِ التَّبَنِّي.
فَالآيَةُ الكَرِيمَةُ تَتَحَدَّثُ عَنْ حُكْمِ التَّبَنِّي الذي حَرَّمَهُ اللهُ تعالى، فَمَا كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَالِدَاً لِسَيِّدِنَا زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِسَيِّدِنَا الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا، فَهُمَا سِبْطَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَا يُنْسَبَانِ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الأُبُوَّةِ، بَلْ يُنْسَبَانِ إلى أَبِيهِمَا سَيِّدِنَا عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، وَأَمَّا أَبْنَاؤُهُ الذُّكُورُ الذينَ هُمُ مِنْ صُلْبِهِ الشَّرِيفِ كُلُّهُم مَاتُوا قَبْلَ بُلُوغِ الحُلُمِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الآيَةِ الكَرِيمَةِ وَالحَدِيثِ الشَّرِيفِ، فَالآيَةُ تَتَكَلَّمُ عَنْ أَحْكَامِ التَّبَنِّي، فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ أَبَاً حَقِيقِيَّاً لِأَحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، بَلْ هوَ أَعْظَمُ مِنَ الأَبِ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ﴿أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾.
وَقَدْ وُلِدَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القَاسِمُ وَالطَّيِّبُ وَالطَّاهِرُ مِنْ خَدِيجَةَ، وَكُلُّهُمْ مَاتُوا رَضِيَ اللهُ عَنهُمْ دُونَ أَنْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ.
أَمَّا الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا، فَهُمَا سِبْطَا سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ سَمَّاهُمَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ابْنَيْنِ، فَأَبُوهُمَا سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |