طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقُولُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ العَزِيزِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالمَيْـسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾.
وَالمَيْسِرُ هُوَ كُلُّ مُعَامَلَةٍ دَائِرَةٍ بَيْنَ الغُنْمِ وَالغُرْمِ، لَا يَدْرِي فِيهَا العَامِلُ هَلْ يَكُونُ غَانِمَاً أو غَارِمَاً، وَهَذَا الأَمْرُ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، وَلَا يَخْفَى عَلَى الإِنْسَانِ المُؤْمِنِ قُبْحُ هَذَا الفِعْلِ، لِأَنَّ اللهَ تعالى قَرَنَهُ بِعِبَادَةِ الأَصْنَامِ وَبِالخَمْرِ وَالأَزْلَامِ، وَهُوَ مَغْمُورٌ بِجَانِبِ المَضَارِّ، قَالَ تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾.
وَالتَّعَامُلُ بِالمَيْسِرِ وَالقِمَارِ فِيهِ إِثْمٌ كَبِيرٌ كَمَا قَالَ اللهُ تعالى.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَاليَانَصِيبُ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مَالٍ كَثِيرٍ تَجْمَعُهُ الشَّرِكَاتُ المُشْرِفَةُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أُلُوفِ النَّاسِ، ثُمَّ تُعْطِي مِنْهُ لِعَدَدٍ قَلِيلٍ مِنْهُمْ، عَنْ طَرِيقِ القُرْعَةِ، وَهَذَا هُوَ القِمَارُ الذي هُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ المَيْسِرِ المُحَرَّمِ بِإِجْمَاعِ الأُمَّةِ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْـسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾.
وَمَا كَانَ سَبَبَاً لِغَضَبِ اللهِ تعالى فَهُوَ حَرَامٌ وَكَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، وَهُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، وَيُوقِعُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَدْ قَالَ اللهُ تعالى في خِتَامِ الآيَةِ: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾؟ فَهَلْ تَنْتَهِي الأُمَّةُ عَنْ هَذَا أَمْ لَا؟
وَالمَالُ الذي دَخَلَ لِهَذَا الإِنْسَانِ هُوَ مَالٌ حَرَامٌ يَجِبُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ بِإِنْفَاقِهِ في مَصَالِحِ المُسْلِمِينَ العَامَّةِ، كَأَنْ يُنْفِقَهُ عَلَى الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَالغَارِمِينَ، وَلَا أَرَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ مَصَاحِفَ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَلَا أَنْ يَدْفَعَهُ إلى المَسَاجِدِ.
هَذَا بَعْدَ التَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفَارِ وَالنَّدَمِ عَلَى مَا حَصَلَ، وَالجَزْمِ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلى مِثْلِ ذَلِكَ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |