طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَأَنَا أَنْصَحُ هَذِهِ الزَّوْجَةَ التي حُرِمَتْ مِنَ الأَوْلَادِ في السَّنَوَاتِ المَاضِيَةِ، وَهِيَ الآنَ حَامِلَةٌ مَعَ وُجُودِ طِفْلَةٍ عِنْدَهَا، أَنْ تَرْضَى بِقَضَاءِ اللهِ تعالى وَقَدَرِهِ، وَأَنْ تَكُونَ عَلَى يَقِينٍ أَنَّهُ لَو شَاءَ اللهُ تعالى لَهَا الوَلَدَ خِلَالَ تِلْكَ الفَتْرَةِ لَكَانَ مَا شَاءَ اللهُ تعالى، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ﴾. فَمَا شَاءَ اللهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئَاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾.
وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَعَلَى هَذِهِ الزَّوْجَةِ أَنْ تَتَذَكَّرَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ﴾.
وَلْتَتَذَكَّرْ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَلَوْ كَانَ لَكَ جَبَلُ أُحُدٍ، أَوْ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبَاً، أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، مَا قَبِلَهُ اللهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالقَدَرِ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَأَنَّكَ إِنْ مِتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا، دَخَلْتَ النَّارَ» رواه الإمام أحمد عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَعَلَى هَذِهِ الزَّوْجَةِ الكَرِيمَةِ أَنْ تَرْضَى بِقَضَاءِ اللهِ تعالى وَقَدَرِهِ، وَأَنْ تُسَلِّمَ الأَمْرَ للهِ تعالى، لِأَنَّهُ لَو شَاءَ اللهُ تعالى لَهَا الوَلَدَ لَكَانَ، فَكَمْ مِنِ امْرَأَةٍ كَانَتْ تَأْخُذُ الأَسْبَابَ لِمَنْعِ الحَمْلِ فَحَمَلَتْ رَغْمَاً عَنْ أَنْفِهَا وَأَنْفِ زَوْجِهَا، وَكَمْ مِنِ امْرَأَةٍ كَانَتْ حَرِيصَةً مَعَ زَوْجِهَا عَلَى الإِنْجَابِ وَلَمْ يَرْزُقْهَا اللهُ تعالى.
عَلَى هَذِهِ الزَّوْجَةِ أَنْ تَذْكُرَ حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «عَجَبَاً لِأَمْرِ المُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرَاً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرا لَهُ» رواه الإمام مسلم عَنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
فَهَذَا هُوَ الخَيْرُ في حَقِّهَا. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |