السؤال :
هل يجوز دفع الزكاة للمدارس الشرعية، من أجل صرف رواتب الموظفين فيها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9694
 2019-05-23

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: لَقَدْ فَرَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الزَّكَاةَ عَلَى الأَغْنِيَاءِ، وَبَيَّنَ مَصَارِفَهَا في القُرْآنِ العَظِيمِ، فَقَالَ تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.

وروى أبو داود عَنْ زِيَادِ بْنِ الحَارِثِ الصُّدَائِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْتُهُ، فَذَكَرَ حَدِيثَاً طَوِيلَاً، قَالَ: فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَعْطِنِي مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ فِي الصَّدَقَاتِ، حَتَّى حَكَمَ فِيهَا هُوَ، فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ».

ثانياً: قَوْلُهُ تعالى في مَصَارِفِ الزَّكَاةِ: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾. لَا يَعُمُّ سُبُلَ الخَيْرِ، وَلَو كَانَ يَعُمُّ جَمِيعَ سُبُلِ الخَيْرِ لَمَا كَانَ صِنْفَاً مِنْ ثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ.

يَقُولُ الإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: سُبُلُ اللهِ كَثِيرَةٌ، وَلَكِنِّي لَا أَعْلَمُ خِلَافَاً في أَنَّ المُرَادَ بِسَبِيلِ اللهِ هُنَا الغَزْوُ.

ثالثاً: الأَجِيرُ يَسْتَحِقُّ أَجْرَهُ سَوَاءٌ كَانَ غَنِيَّاً أَمْ فَقِيرَاً، وَهَذَا حَقُّهُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ، قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ» رواه ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. وَالأُجْرَةُ يَأْخُذُهَا لِقَاءَ جُهْدٍ قَدَّمَهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ للمَدَارِسِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ أَجْلِ صَرْفِ رَوَاتِبِ المُوَظَّفِينَ فِيهَا، لِأَنَّ المُوَظَّفِينَ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ الأُجَرَاءِ، وَالأَجِيرُ يَسْتَحِقُّ الأُجْرَةَ لِقَاءَ مَا قَدَّمَ، وَهَذَا مِنْ حَقِّهِ.

وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَتُدْفَعُ للفَقِيرِ بِسَبَبِ فَقْرِهِ، وَلَا تُدْفَعُ لَهُ مُقَابِلَ جُهْدٍ قَدَّمَهُ.

كَمَا لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا لِبِنَاءِ المَسَاجِدِ، وَلَا المَدَارِسِ الشَّرْعِيَّةِ وَغَيْرِهَا. هذا، والله تعالى أعلم.