طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَوْلُهُ تعالى في حَقِّ السَّيِّدَةِ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ: ﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئَاً فَرِيَّاً * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيَّاً﴾. اخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أُخْتَ هَارُونَ﴾.
قِيلَ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ نَسَبِ سَيِّدِنَا هَارُونَ أَخِي سَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَنُسِبَتْ إِلَيْهِ بِالأُخُوَّةِ، كَمَا يُقَالُ للعَرَبِيِّ: يَا أَخَا العَرَبِ.
وَقِيلَ أَنَّهُ كَانَ لَهَا أَخٌ مِنْ أَبِيهَا اسْمُهُ هَارُونُ، وَكَانَ مِنْ أَصْلَحِ رِجَالِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
وَقِيلَ أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ في زَمَانِهِمْ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الطُّهْرِ وَالعَفَافِ وَالاسْتِقَامَةِ، اسْمُهُ هَارُونُ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ أَبْنَاءَهُمْ بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ نَجْرَانَ سَأَلُونِي، فَقَالُوا: إِنَّكُمْ تَقْرَأُون يَا أُخْتَ هَارُونَ، وَمُوسَى قَبْلَ عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ».
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَقَدْ نَسَبَهَا قَوْمُهَا إلى رَجُلٍ صَالِحٍ اسْمُهُ هَارُونُ، كَانَ مَعْرُوفَاً بِالصَّلَاحِ وَالاسْتِقَامَةِ، فَقَالُوا: يَا مَنْ كُنَّا نَظُنُّهَا مِثْلَ هَارُونَ في الصَّلَاحِ وَالاسْتِقَامَةِ، كَيْفَ تَأْتِينَ بِمِثْلِ هَذَا؟ هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |