السؤال :
إِذَا أَكْرَمَ اللهُ تعالى عَبْدَهُ بِدُخُولِ الجَنَّةِ، فَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَرَى في الجَنَّةِ مَنْ شَاءَ مِنَ النِّسَاءِ الصَّالِحَاتِ، مِنْ صَحَابِيَّاتٍ وَغَيْرِهِنَّ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9741
 2019-06-13

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: الجَنَّةُ هِيَ دَارُ الكَرَامَةِ، وَهِيَ طَيِّبَةٌ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا طَيِّبٌ، لَيْسَ فِيهَا خَبَثٌ وَلَا شَرٌّ وَلَا سُوءُ أَدَبٍ، وَلَيْسَ فِيهَا شَهَوَاتٌ مُحَرَّمَةٌ لَا وُجُودَاً وَلَا تَمَنِّيَاً، وَلَيْسَ فِيهَا أَصْحَابُ نُفُوسٍ مَرِيضَةٍ، وَلَيْسَ فِيهَا نَظَرُ سُوءٍ، وَلَا مَرَضُ قُلُوبٍ، قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الأَبْرَارِ الأَتْقِيَاءِ.

روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، لَا يَبْصُقُونَ فِيهَا، وَلَا يَمْتَخِطُونَ، وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، أَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الحُسْنِ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ، يُسَبِّحُونَ اللهَ بُكْرَةً وَعَشِيَّاً».

ثانياً: مِنْ نَعِيمِ اللهِ تعالى في الجَنَّةِ للرِّجَالِ أَنْ يَرْزُقَهُمْ زَوْجَاتٍ تَقْصُرُ حُبَّهَا وَنَظَرَهَا إِلَيْهِ، وَلَا تَرَى أَحْسَنَ مِنْهُ، وَلَا تُرِيدُ غَيْرَهُ، قَالَ تعالى: ﴿وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ﴾.

وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ للنِّسَاءِ، فَمَا مِنِ امْرَأَةٍ إِلَّا وَلَهَا زَوْجٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ في الجَنَّةِ أَعْزَبُ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى أَضْوَأِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ اثْنَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ، وَمَا فِي الجَنَّةِ أَعْزَبُ؟».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالجَنَّةُ نَعِيمُهَا عَالَمٌ غَيْبِيٌّ، وَلَا سَبِيلَ لِمَعْرِفَةِ نَعِيمِهَا إِلَّا عَنْ طَرِيقِ الخَبَرِ الصَّادِقِ، عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَو عَنْ طَرِيقِ القُرْآنِ الكَرِيمِ.

وَيَجِبُ عَلَى المُسْلِمِ أَنْ يُمْسِكَ عَنْ هَذِهِ الخَوَاطِرِ، هَلْ يَرَى في الجَنَّةِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ أَمْ لَا؟ هَلْ يَرَى الصَّحَابِيَّاتِ أَمْ لَا؟ هَلْ يَرَى الصَّالِحَاتِ أَمْ لَا؟

وَلَا يَجُوزُ الخَوْضُ في مِثْلِ هَذِهِ الأُمُورِ، لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهَا، وَصَدَقَ اللهُ تعالى القَائِلُ: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولَاً﴾.

وَلْنَقُلْ كَمَا قَالَتِ المَلَائِكَةُ الكِرَامُ: ﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ﴾

وَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ نَكُونَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.