السؤال :
وَلَدِي تَعَلَّقَ بِفَتَاةٍ فَاسِقَةٍ فَاجِرَةٍ، وَيُرِيدُ الزَّوَاجَ مِنْهَا، وَأَنَا أَرْفُضُ ذَلِكَ، وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى الزَّوَاجِ مِنْهَا، فَهَلْ يَجُوزُ لِي أَنْ أَحْرِمَهُ مِنْ مِيرَاثِي؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9747
 2019-06-16

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تُذَكِّرَ وَلَدَكَ بِقَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَذَكِّرْهُ بِأَنَّ هَذِهِ المَرْأَةَ لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً لَهُ، وَلَا أُمَّاً لِأَوْلَادِهِ في المُسْتَقْبَلِ، وَقَدْ لَا تَحْفَظُهُ في نَفْسِهَا وَلَا في مَالِهِ إِذَا غَابَ عَنْهَا.

وَذَكِّرْهُ بِأَنَّ زَوَاجَهُ مِنْ هَذِهِ المَرْأَةِ بِالشَّكْلِ الذي ذُكِرَ في السُّؤَالِ وَهُوَ رَاضٍ بِذَلِكَ يَجْعَلُهُ مُنْدَرِجًا تحت الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ قَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمُ الجَنَّةَ: مُدْمِنُ الخَمْرِ، وَالعَاقُّ، وَالدَّيُّوثُ» الَّذِي يُقِرُّ فِي أَهْلِهِ الخَبَثَ.

ثانياً: يَجِبُ عَلَى الوَلَدِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ طَاعَتَهُ لِأَبِيهِ فَرْضٌ عَلَيْهِ، وَخَاصَّةً في هَذِهِ القَضِيَّةِ، وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ غَضَبَ وَالِدِهِ عَلَيْهِ نَازِلٌ بِهِ، وَلَنْ يُوَفَّقَ الوَلَدُ المَغْضُوبُ، وَقَدْ يُحْرَمُ مِنْ دُخُولِ الجَنَّةِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَضِعْ ذَلِكَ البَابَ أَوْ احْفَظْهُ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثالثاً: حِرْمَانُ الوَلَدِ مِنَ المِيرَاثِ لَا يَجُوزُ شَرْعَاً، وَالوَصِيَّةُ للإِخْوَةِ بَعْدَ وَفَاةِ الأَبِ بِحِرْمَانِ الوَلَدِ العَاقِّ مِنْ نَصِيبِهِ الشَّرْعِيِّ مِنَ الإِرْثِ حَرَامٌ، لِأَنَّ العُقُوقَ لَا يَمْنَعُ مِنَ الحُقُوقِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَوَاجِبٌ عَلَيْكَ شَرْعَاً أَنْ تُنْكِرَ عَلَى وَلَدِكَ بِأُسْلُوبٍ حَكِيمٍ، وَأَنْ تُذَكِّرَهُ بِاللهِ تعالى، وَبِنَتَائِجِ هَذَا الزَّوَاجِ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ، لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، وَهَذَا وَاجِبٌ عَلَيْكَ.

وَأَمَّا أَنْ تُوَزِّعَ مَالَكَ بَيْنَ أَوْلَادِكَ وَتَحْرِمَهُ مِنَ العَطِيَّةِ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ شَرْعَاً، لِأَنَّ فِعْلَكَ هَذَا يَزِيدُ في عُقُوقِهِ وَإِعْرَاضِهِ.

وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ تُوصِيَ وَرَثَتَكَ بِحِرْمَانِهِ مِنَ التَّرِكَةِ بَعْدَ مَوْتِكَ. هذا، والله تعالى أعلم.