السؤال :
مَا مَعْنَى قَوْلِهِ تعالى حِكَايَةً عَنِ المُشْرِكِينَ عِنْدَمَا قَالُوا: ﴿إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلَاً مَسْحُورَاً﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9795
 2019-07-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالمِحَنُ وَالصُّعُوبَاتُ التي وَاجَهَهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَةٌ، وَخَاصَّةً عِنْدَمَا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ دَعْوَةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ اتَّسَعَتْ رُقْعَتُهَا، فَأَخَذَتْ قُرَيْشٌ تُمَارِسُ أَسَالِيبَ الصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ تعالى وَعَنِ الإِيمَانِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ مِنْ هَذِهِ الأَسَالِيبِ الاتِّهَامَاتُ وَالافْتِرَاءَاتُ الكَاذِبَةُ، كَمَا ذَكَرَهَا اللهُ تعالى في كِتَابِهِ العَظِيمِ:

أولاً: اتَّهَمُوهُ بِالجُنُونِ، وَقَالَ تعالى حِكَايَةً عَنْهُمْ: ﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾.

ثانياً: اتَّهَمُوهُ بِالسِّحْرِ، وَقَالَ اللّٰهُ تعالى في حَقِّهِمْ: ﴿وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾.

ثالثاً: اتَّهَمُوهُ بِأَنَّهُ مَسْحُورٌ مَعَ طَلَبِهِمْ مِنْهُ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ المُعْجِزَاتِ، قَالَ تعالى حِكَايَةً عَنْهُم: ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً * أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً * انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً﴾.

كَيْفَ يَطْلُبُونَ مِنْهُ المُعْجِزَاتِ وَهُوَ مَسْحُورٌ؟

رابعاً: اتَّهَمُوهُ بِالكَذِبِ، قَالَ تعالى حِكَايَةً عَنْهُم ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْماً وَزُوراً﴾. مَعَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ عَنْهُ: الصَّادِقُ الأَمِينُ.

خامساً: سَخِرُوا مِنْهُ وَمِنْ دَعْوَتِهِ، وَقَالَ زَعِيمُهُمْ مُسْتَهْزِئَاً: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَمِنْ حِقْدِ قُرَيْشٍ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَجَّهُوا إِلَيْهِ اتِّهَامَاتٍ بَاطِلَةً مُتَنَاقِضَةً، فَاتَّهَمُوهُ بِالسِّحْرِ، وَأَنَّهُ مَسْحُورٌ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ.

وَاتَّهَمُوهُ بِالجُنُونِ وَطَلَبُوا مِنْهُ الآيَاتِ وَالمُعْجِزَاتِ.

وَاتَّهَمُوهُ بِالكَذِبِ، وَهُمُ الذينَ مَا عَرَفُوا صَادِقَاً مِثْلَهُ. هذا، والله تعالى أعلم.