السؤال :
نَحْنُ نَعْلَمُ بِأَنَّهُ مَا مِنَّا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَهُ شَيْطَانٌ يَأْمُرُهُ بِالسُّوءِ وَالفَحْشَاءِ، فَهَلْ يَجُوزُ لِي أَنْ أَدْعُوَ اللهَ تعالى أَنْ يَهْدِيَ شَيْطَانِي، حَتَّى لَا يُزَيِّنَ لِي المَعْصِيَةَ، وَأَرْتَاحَ مِنْ وَسْوَاسِهِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9870
 2019-08-08

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: هُنَاكَ خُصُوصِيَّاتٌ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَكُنْ لِغَيْرِهِ، مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ».

قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «وَإِيَّايَ، إِلَّا أَنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ».

وَفِعْلُ: أَسْلَمَ، جَاءَ فِيهَا رِوَايَتَانِ بِالُمضَارِعِ وَبالَماضِي، فَمَنْ قَرَأَهَا بِالُمضَارِعِ ، يَكُونُ مَعْنَاهَا: أَسْلَمُ أَنَا مِنْ شَرِّهِ وَمِنْ فِتْنَتِهِ، وَمَنْ قَرَأَهَا الَماضِي، يَكُونُ مَعْنَاهَا: أَنَّهُ أَسْلَمَ وَصَارَ مُؤْمِنَاً، وَلَا يَأْمُرُ إِلَّا بِخَيْرٍ.

ثانياً: نَحْنُ مَأْمُورُونَ بِاتِّخَاذِ الشَّيْطَانِ عَدُوَّاً، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوَّاً﴾.

وَمَأْمُورُونَ كَذَلِكَ بِالاسْتِعَاذَةِ بِاللهِ تعالى مِنْ شَرِّهِ وَنَفَثْهِ وَوَسْوَسَتِهِ، وَأَنْ نَقُولَ: ﴿رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾.

وَمَأْمُورُونَ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالدُّعَاءُ للشَّيْطَانِ بِالهِدَايَةِ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ التَّعَدِّي في الدُّعَاءِ، وَمَا كَانَ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ.

وَإِنْ كُنْتَ دَاعِيَاً فَادْعُ اللهَ لِنَفْسِكَ بِالهِدَايَةِ وَالسَّدَادِ وَالثَّبَاتِ، وَأَكْثِرْ مِنْ دُعَاءِ: اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ؛ وَمِنْ دُعَاءِ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.

وَأَكْثِرْ مِنْ دُعَاءِ: ﴿رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾.

وَحَافِظْ عَلَى قِرَاءَةِ آيَةِ الكُرْسِيِّ وَالمُعَوِّذَتَيْنِ، يَحْفَظْكَ اللهُ تعالى مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، وَلَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَيْكَ سَبِيلٌ. هذا، والله تعالى أعلم.