طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ مِنَ المَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ يُسَنُّ لِلإِمَامِ أَنْ يَجْهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ كَالصُّبْحِ، وَالْجُمُعَةِ، وَالأُولَيَيْنِ مِنَ المَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الإِمَامِ مُرَاعَاةُ الْجَهْرِ فِيمَا يُجْهَرُ بِهِ ـ وَهُوَ الْفَجْرُ، وَالمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ فِي الأُولَيَيْنِ، وَكَذَا كُلُّ صَلَاةٍ مِنْ شَرْطِهَا الْجَمَاعَةُ، كَالْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ، وَالتَّرْوِيحَاتِ ـ وَيَجِبُ عَلَيْهِ المُخَافَتَةُ فِيمَا يُخَافَتُ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَاظَبَ عَلَى الْجَهْرِ فِيمَا يُجْهَرُ بِهِ وَالمُخَافَتَةِ فِيمَا يُخَافَتُ بِهِ؛ وَذَلِكَ دَلِيلُ الْوُجُوبِ، وَعَلَى هَذَا عَمَل الأُمَّةِ.
وَقَالَ فُقَهَاءُ الحَنَفِيَّةِ: يُكْرَهُ تَحْرِيمَاً تَرْكُ وَاجِبٍ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ تَرَكَ وَاجِبَاً مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَتُهَا إِنْ تَرَكَ الوَاجِبَ عَمْدَاً وَذَلِكَ إِنْ لَم يَخْرُج وَقْتُها، أَو يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ إِنْ تَرَكَ الوَاجِبَ سَهْوَاً.
وَقَالَ فُقَهَاءُ الشَّافِعِيَّةِ: مَنْ جَهَرَ فِي مَوْضِعِ الإِسْرَارِ أَوْ أَسَرَّ فِي مَوْضِعِ الْجَهْرِ لَمْ تَبْطُل صَلَاتُهُ، وَلَا سُجُودَ سَهْوٍ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ ارْتَكَبَ مَكْرُوهَاً.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالجَهْرُ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ، وَالإِسْرَارُ في الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ، وَاجِبٌ عَنْدَ الحَنَفِيَّةِ، وَسُنَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَمَنْ جَهَرَ في السِّرِّيَّةِ أَو أَسَرَّ في الْجَهْرِيَّةِ، عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ إِنْ تَرَكَهُ سَهْوَاً، وَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدَاً وَجَبَ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا، وَلَا يَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ وَيُسَنُّ الجَهْرُ بِالتِّلَاوَةِ عِنْدَ الجَمِيعِ في الصَّلَاةِ الجَهْرِيَّةِ إِذَا كَانَ المُصَلِّي مُنْفَرِدَاً. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |