السؤال :
هَلْ هُنَاكَ نَسْخٌ في أَحَادِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَمَا هُوَ الحَالُ في القُرْآنِ العَظِيمِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9956
 2019-09-30

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدِ اتَّفَقَ الأُصُولِيُّونَ عَلَى جَوَازِ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ، فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرَاً» رواه الإمام مسلم عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ.

وَكَالحَدِيثِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَاقِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ.

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ، فَقَالَتْ: صَدَقَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الْأَضْحَى زَمَنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ادَّخِرُوا ثَلَاثَا، ثُمَّ تَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ».

فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ النَّاسَ يَتَّخِذُونَ الْأَسْقِيَةَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ (وَالأَسْقِيَةُ جَمْعُ سِقَاءٍ وَهُوَ وِعَاءٌ مِنْ جِلْدٍ يَكُونُ للمَاءِ وَاللَّبَنِ؛ فَكَانُوا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ يَسْأَلُونَ عَنْ مَا يُدَّخَرُ مِنْ جِلْدِ الأُضْحِيَةِ حَيْثُ لَا يُسْتَهْلَكُ في الأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ الذَّبْحِ) وَيَجْمُلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ (دَسَمُ اللَّحْمِ).

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا ذَاكَ؟».

قَالُوا: نَهَيْتَ أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ.

فَقَالَ: «إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ (قَوَافِلِ الاَعْرَابِ) الَّتِي دَفَّتْ، فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ السُّنَّةِ تُنْسَخُ بِالسُّنَّةِ، كَمَا هُوَ الحَالُ في القُرْآنِ العَظِيمِ، وَكُلُّهُ وَحْيٌ مِنَ اللهِ تعالى، فَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى. هذا، والله تعالى أعلم.