18ـ مشكلات وحلول: لماذا منع رسول الله علياً من الزواج على السيدة فاطمة

 

السؤال: الإسلام أباح تعدُّد الزوجات، وجعل من حق الزوج أن يعدد زوجاته، فلماذا منع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا علياً رضي الله عنه من الزواج على السيدة فاطمة رضي الله عنها؟

الجواب: جاء في صحيح البخاري ومسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المسجد مغضباً حتى بلغ المنبر فخطب الناس، فقال: (إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن يُنكِحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، إلا أن يريد علي بن أبي طالب أن يطلق ابنتي، ويَنكِح ابنتهم، وإني لست أحرم حلالاً، ولا أحل حراماً، لكن والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنتُ عدو الله أبداً).

وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: (إن فاطمة بضعة مني، وأنا أتخوف أن تفتن في دينها، وإني لست أُحرِّم حلالاً، ولا أُحلُّ حراماً، ولكن والله لا تجتمع بنتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبنتُ عدو الله عند رجل واحد أبداً). رواه الشيخان وأحمد وأبو داود.

وسيدنا علي رضي الله عنه ترك الخطبة ـ خطبة جويرية بنت أبي جهل ـ ولم يكن يهون عليه وهو صاحب الجهاد العظيم في سبيل الدعوة، وقلبه مُفْعَم بحبِّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي أمراً يكرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الزواج، ما دام إزعاج السيدة فاطمة رضي الله عنها يزعجه، وما دام إيذاؤها رضي الله عنها إيذاء له صلى الله عليه وسلم.

فالنبي صلى الله عليه وسلم بيّن في الحديث الشريف بقوله: (لا أحرم حلالاً) فالتعدد حلال، وحلال لسيدنا علي أن يعدد لو لم تكن عنده السيدة فاطمة رضي الله عنها، أما الجمع بينها وبين زوجة أخرى فيستلزم تأذي السيدة فاطمة رضي الله عنها، وتأذيها يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (فاطمةُ بضعةٌ مني فمن أغضبها فقد أغضبني) رواه البخاري. وإيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً واحداً حرام بنص الكتاب، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (ولا أحل حراماً) وهذا الأمر كان من خصوصيات السيدة فاطمة رضي الله عنها، وهي أهل لهذه الخصوصية، فهي رضي الله عنها الزهراء الصديقة البتول أم أبيها، بنت خديجة رضي الله عنها، وهي من الرائدات العظيمات مع السيدات مريم بنت عمران، وآسيا، وخديجة رضي الله عنهن.

فالموضوع إذاً ليس مجرد منع أو إيثار، ولكنه من خصائص هذه السيدة العظيمة، لأنها بضعة من المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولأنها ذات مكانة مميزة ودور متميز، ومحبة خاصة لوالدها الذي قال: (يريبني ما يريبها) فهي فاطمة الزهراء البتول بنت المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأم الحسنين، وزوج علي المرتضى رضي الله عنها وأرضاها، وجزاها خير الجزاء عن الأمة، فقد كانت بحق سيدة عظيمة رضي الله عنها وأرضاها، وعطف قلبها الشريف علينا. آمين.

وبناء على ما تقدم:

مَنْعُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم سيدنا علياً رضي الله عنه من زواجه على السيدة فاطمة، خاصة من خصوصيات السيدة فاطمة رضي الله عنها، وإيذاؤها إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو حرام بإجماع الأمة، ورسول صلى الله عليه وسلم لا يحل حراماً.

وأما ما عداها من النساء فعليها أن تصبر وأن تختار ما اختار الله عز وجل لها، وذلك لقول الله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً} [الأحزاب: 36]، ولا يجوز لها أن تطلب الطلاق من زوجها بسبب زواجه من زوجة ثانية، فإذا طلبت الطلاق فيخشى عليها أن تحرم رائحة الجنة، للحديث الشريف: (أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة) رواه الترمذي وقال: حديث حسن. فإذا لم تصبر على وجود ضرة لها، أو كان زوجها غير عادل فلها أن تطلب المخالعة من زوجها. هذا، والله تعالى أعلم.