42ـ من وصايا الصالحين: وصية سيدنا عمر لأبي موسى الأشعري رَضِيَ اللهُ عَنهُما

 

 

42ـ من وصايا الصالحين: وصية سيدنا عمر لأبي موسى الأشعري رَضِيَ اللهُ عَنهُما

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: كَتَبَ سَيِّدُنَا عُمَرُ إلى أَبِي مُوسَى الأَشعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُما:

أمَّا بَعدُ، فَإِنَّ لِلنَّاسِ نَفْرَةً عَنْ سُلْطَانِهِمْ، فَأَعُوذُ باللهِ أَنْ يُدْرِكَنِي وَإِيَّاكَ عَمْيَاءُ مَجْهُولَةٌ، وَضَغَائِنُ مَحْمُولَةٌ، فَأَقِمِ الْحُدُودَ وَلَوْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ.

وَإِذَا عَرَضَ لَكَ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا للهِ وَالْآخَرُ لِلدُّنْيَا، فَآثِرْ نَصِيبَكَ مِنَ اللهِ، فإنَّ الدنيا تَنفَذُ وَالْآخِرَةُ تَبْقَى.

وَأَخِفِ الْفُسَّاقَ، واجعَلْهُم يَدَاً يَدَاً، ورِجلاً رِجلاً.

عُدْ مَرِيضَ الْمُسْلِمِينَ، وَاحْضُرْ جَنَائِزَهُمْ، وَافْتَحْ بَابَكَ، وَبَاشِرْ أُمُورَهُمْ بِنَفْسِكَ، فَإِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، غَيْرَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَكَ أَثْقَلَهُمْ حِمْلاً.

وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدْ فَشَا لَكَ وَلِأَهْلِ بَيْتِكَ هَيْئَةٌ فِي لِبَاسِكَ وَمَطْعَمِكَ وَمَرْكَبِكَ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ مِثْلُهَا، فَإِيَّاكَ يَا عَبْدَ اللهِ أَنْ تَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْبَهِيمَةِ مَرَّتْ بِوَادٍ خَصْبٍ، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا هَمٌّ إِلَّا السَّمْنُ وَالْمَاءُ، وَإِنَّمَا حَتْفُهَا فِي السِّمَنِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَامِلَ إِذَا زَاغَ زَاغَتْ رَعِيَّتُهُ، وَأَشْقَى النَّاسِ مَنْ شَقِيَتْ بِهِ رَعِيَّتُهُ.

أيُّها الإخوة الكرام: أَينَ من يَستَحضِرُ وُقُوفَهُ بَينَ يَدَيِ اللهِ عزَّ وجلَّ؟ أَينَ من أَيقَنَ أَنَّهُ مَسؤُولٌ بَينَ يَدَيِ اللهِ عزَّ وجلَّ؟ أَينَ من عَلِمَ بأَنَّ الدُّنيَا مَزرَعَةٌ للآخِرَةِ؟ أَينَ من عَلِمَ بأَنَّ الدُّنيَا دَارُ مَمَرٍّ لا مَقَرٍّ؟ أَينَ من يُعطِي صُورَةً حَسَنَةً عن إسلامِهِ، ويَتَذَكَّرُ قَولَ اللهِ تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾.

أيُّها الإخوة الكرام: كُلُّنَا رَاعٍ، وكُلُّنَا مَسؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فالسَّعِيدُ من انشَغَلَ بِمَا كُلِّفَ بِهِ، وقَامَ بالوَاجِبِ الذي عَلَيهِ، والشَّقِيُّ من شُغِلَ بِغَيرِه، ونَسِيَ نَفسَهُ. اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيكَ رَدَّاً جَمِيلاً. آمين.

أخوكم أحمد النعسان

**     **     **

تاريخ الكلمة:

السبت: 1/محرم/1436هـ، الموافق: 25/تشرين الأول / 2014م